أثارت رواية "القرصان" التاريخية كثيرا من النقاشات التي غالبا ما يثيرها هذا الاتجاه من الروايات التي تتداخل فيها السياسة مع المعلومة التاريخية.

مؤلف الرواية القطري عبدالعزيز آل محمود – التي تعد الأولى له في 400 صفحة- استند في تجسيد تاريخ رسمي موثق، إلى كتب ومراجع أجنبية وعربية تناولت أوضاع الخليج في مطلع القرن التاسع عشر.

أهمية الرواية تكمن في ظل ندرة كبيرة في المكتبة الخليجية للأعمال التاريخية/ الأدبية التي تتناول تاريخ الخليج العربي بشكل دقيق ويقول آل محمود إنه "استغرق عاماً كاملاً في البحث والتدقيق في المراجع التاريخية والموسوعات التي ذكرت هذه الفترة من التاريخ قبل البدء في كتابة الرواية".

تجري أحداث الرواية في بدايات القرن التاسع عشر وتحديدا في العقد الثاني منه حين تتحول السيطرة البريطانية في الشرق إلى قوة عظمى تمد هيمنتها بقانون الدم والتسلط على الخليج العربي وإيران، بعد أن ضمنت شركة الهند الشرقية السيطرة على شبه القارة الهندية، ولكن في أثنائه دار أيضا سباق محموم للحصول على سيف نادر ثمين مرصع بالجواهر.

الاستناد إلى الوثائق الإنجليزية جلب للكاتب بعض "النقد التاريخي"، حيث تشير بعض المواقع الثقافية الإلكترونية إلى أن "الكاتب وقع في أخطاء تاريخية في بعض الروايات عن شخصيات محورية بالرواية مثل شخصية الشيخ إرحمة بن جابر لكونه اعتمد في روايته على المراجع البريطانية وعلى المراجع غير الدقيقة التي كتبت من أعداء إرحمة" وفقاً لها.

عوالم متعددة، يأخذنا إليها آل محمود، من بلموت إلى بوشهر ثم بومبي، حتى الساحل الغربي لأفريقيا ثم جزيرة البحرين حيث حركة "إرحمة" وسفنه بين ميناء بوشهر وجزيرة البحرين، في مواجهات أكدت على مقدرته وحرفته كبحار و أيضا كفارس بطل آمن بأن قدره أن يكون رجلاً في مواجهة إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

رغم ذلك يرى الناقد حسين جلعاد في تصوير "الجانب الفني" للرواية أن القارئ يندهش من ثراء الشخصيات ونموها الدرامي المطرد وفق سيناريو يحبس الأنفاس، واللافت أن الروائي لا يتدخل في شخصياته، فهو لا يصدر أحكاما قيمية على الأحداث ومجريات تطور الشخوص ولا يربك القارئ بحضوره، وهو بذلك ينجو مما يقع فيه كثير ممن يكتبون روايات التاريخ التي تفسد غالبا بسبب القصد الغائي أو التصور الذاتي، فتنزلق من كونها مادة فنية وتتحول إلى وعاء إيديولوجي محكوم بلغة الصراع أو حتى التبرير القصدي في أبسط صوره.

ينسج الكاتب أحداث روايته الصادرة في طبعتها الأولى 2011 عن دار بلومزيري (مؤسسة قطر للنشر)على مستويات عدة معقدة ودقيقة تتشابك فيها مصائر الشعوب والدول بقصص الأفراد، فمن جهة هناك الإمبراطوريات التي تصارع أمما ناشئة على أطراف الخليج، ومن جهة أخرى هناك مستويات فردية وشخصية للصراع لا تقل أهمية في نسج التحولات.

وفي موازاة ذلك ينسج رجال صاحب الجلالة البريطانية خطة لتغيير مصائر الشعوب فتبعث البحرية الملكية القبطان "لوخ" على رأس أسطول غايته المعلنة تخليص طرق التجارة من القراصنة، في حين أن هدفه الحقيقي انتزاع الموانئ على ضفتي الخليج، إذ تقتضي خطة الحلف التخلص من سيطرة متشددين وطردهم من كل مراكز قواهم في الخليج العربي.