ليس لدى الساحة الثقافية والمشهد الإبداعي السعودي ما يتحسر عليه بانتهاء عام 2011، الذي غادر بعيد ضجيج ملتقى المثقفين الثاني في الرياض، الذي أحدث حراكا يراه بعض المراقبين مستعادا ولم يحمل جديدا يمكن أن يعيد القافلة لجادة الطريق.

وإذا كانت الحركة الثقافية والوهج الإبداعي يحتاجان مناخاً متكاملاً، وإيقاعا متحركاً مواراً برغبات الإضافة وحلم اجتراح الأفق، ومحضناً يتكامل بالتجانس والتلاقح، فإن الحركة المحلية ظلت طيلة العام تدور في نفس الحلقة من اعتيادية النشاطات. وسجلت عودة انتخابات الأندية الأدبية نفسها كأبرز حدث، إذ انطلق قطارها من العاصمة المقدسة، وظل محملا بضجيج الطعون والاعتراضات على النتائج منذ تلك اللحظة، وكانت اللائحة هي المتهم الأول، إذ بحسب كثيرين من شهود الموقف أنها جاءت فضفاضة المعايير، مما دفع بأسماء ليست محسوبة على المشهد باختراق عضوية مجالس إدارات الأندية وعضوية الجمعيات العمومية فيها. مما أفضى إلى أن يعيش المشهد الثقافي فيما يتعلق بالجمعية العمومية للأندية الأدبية وانتخاب أعضاء مجالسها بعض التناقضات، وعدم التناغم، ووضوح الرؤية.

ووصف عدد من المثقفين قرار وزارة الثقافة والإعلام اعتماد تسعة أسماء لعضوية اللجنة الإشرافية المسؤولة عن انتخابات مجالس إدارات الأندية الأدبية، بأنه يتناقض مع ما ورد في بنود اللائحة الأساسية، وتحديدا المادة 2 من لائحة الانتخابات، واللائحة المقترحة التي تم رفعها للوزارة، والتي سبق أن حددت ما يتعلق ببنود اللجنة الإشرافية للانتخابات.

بينما كان لافتا اعتراف وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان بوجود خلل وثغرات في اللائحة، قال إنها تحتاج إلى دراسة وتعديل، مبينا أن الثغرات ظهرت من خلال انتخابات نادي مكة الأدبي.

وجاء في مقدمة التحفظات على الاستحقاق الانتخابي في الأندية أنه إضافة إلى جوهر اللائحة، هناك مسألتان كانتا في غاية القلق للوزارة وهما التكتلات والتصويت الذي اختارته الوزارة إلكترونيا وسط اعتراضات في بعض الأندية التي كانت تطالب بتصويت ورقي، خاصة بعد الخلل التقني الذي شهدته انتخابات أدبي الأحساء واعترفت به الوزارة.

وبين أخذ ورد، انتقلت قصة الاعتراضات والطعون على نتائج الانتخابات من أقصى الغرب إلى شرقه، فقد صاحب انتخابات الأحساء جدل لا يقل صخبه عما يحدث في أدبي أبها، فها هو العام الذي انصرم، وانتهت معه رحلة انتخابات طويلة، على مدى نصف عام، حيث ما يزال ملف اعتماد أو إعادة انتخابات أدبي أبها لم ينته حتى الآن، ولم يبت بعد في الطعون التي قدمها بعض أعضاء الجمعية العمومية في أدبي أبها، اعتراض على مجلس إدارة النادي المنتخب.

وكان من تداعيات تلك الطعون والاعتراضات إعادة تدوير المناصب في نادي مكة المكرمة، وتشكيل لجنة للتحقيق في نادي المنطقة الشرقية، ينتظر في ضوء نتائجها إعادة الانتخابات، وهو المطلب الذي لم يتم في نادي الأحساء، بعد اعتماد مجلس الإدارة المنتخب الذي قوبل بطعون هو الآخر.

بينما شهدت أندية أخرى هدوءا وهي تمارس استحقاقها الانتخابي، وتميزت باستمرار غالبية الوجوه السابقة في عضوية مجلس الإدارة مثل أندية المدينة المنورة، ونجران وجازان والحدود الشمالية.

بينما كانت أندية الطائف والأحساء والمنطقة الشرقية وأبها والرياض إلى حد ما أكثر الأندية صخبا في هذا السياق.

وظهرت شبهة التكتلات جلية أكثر في نادي جدة، حيث كانت ليلة الانتخابات عاصفة، وحدثت المفاجأة في ابتعاد منصب الرئاسة عن الرئيس السابق الدكتور عبدالمحسن القحطاني الذي رغم تحقيقه أعلى الأصوات إلا أنه لم يفز بمنصب الرئيس مما أحدث جدلا ولغطا واتهامات متبادلة بين الرئيس الجديد الدكتور عبدالله السلمي والقحطاني.

على صعيد الندوات والنشاطات المنبرية، لم تبرح المؤسسات الثقافية في تكريس نمطية برامجها التي ما خرجت عن محاضرات مكرورة جافة، تحمل عناوين لقضايا وموضوعات مستهلكة، لا تستجيب البتة لإيقاع الزمن ومتغيرات العصر.

فهذه المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي المتوزع ما بين الأندية الأدبية وجمعية الثقافية والفنون بفروعها كافة فشلت في تقديم أي نشاط ثقافي مؤثر أو لافت وله ديناميكية الفعل الثقافي الطازج، ويبدو أنها ليست معنية بهذا الهم عدا عنايتها بتضخم تقرير النشاطات في نهاية العام دون الالتفات للنوعية والأثر الذي تحدثه في البنية الثقافية.