أتذكر أنني قبل عشرة أيام من انطلاقة بطولة كأس العالم بجنوب أفريقيا كتبت (هنا) تحت عنوان: إن أنصفت الكرة إسبانيا البطل, وحينها تحدث البعض عن عاطفة جرفتني وأثرت في رؤيتي تلك, فبرأيهم أين البرازيل وإيطاليا وفرنسا والأرجنتين وألمانيا من اللقب, وتعليلهم بهذا يعود إلى رصيد تلك المنتخبات في هذه البطولة الأولى في برنامج الفيفا والأهم والأغلى في تاريخ الكرة، لكن ما حدث أن وصلت إسبانيا إلى النهائي عن جدارة و على حساب منتخب ألمانيا الذي عجز عن رد دين نهائي أمم أوروبا 2008.
معيار ترشيحي لمنتخب إسبانيا مرده معرفة دقيقة بالعناصر الإسبانية فرداً فرداً, وما يمثله كل عنصر من هذه العناصر من ثقل فني ومهاري عال جداً قلما نجد له مثيلاً في منتخبات العالم الأخرى في الوقت الحاضر, زد على ذلك رصيد هؤلاء النجوم مع أنديتهم والمنتخب, فيكفي أن نقول أن لاعبي منتخب إسبانيا هم أكثر لاعبي المنتخبات المشاركة في المونديال حصولاً على الألقاب إذ بجعبتهم 157 لقباً، كؤوس عالم وبطولات قارية وبطولات محلية إضافة إلى ألقاب فردية نالوها بتميزهم الأدائي وبإجماع منظمات وهيئات رياضية منحتهم الأسبقية عن نظرائهم من لاعبي العالم، وعلى رأس هؤلاء القائد الفني والمهاري البارع تشابي هيرنانديز الذي يمثل نموذجاً فريداً ويرشحه كثير من المحللين والمراقبين أفضل لاعب في العالم ومنذ العام 2008 لكن لبعده عن الآلة الإعلامية ابتعدت عنه الترشيحات والجوائز الكبرى التي تواكب موهبته وسماته الاستثنائية.
ويليه في الميزان زميله بالفريق والمنتخب آندريس إنييستا الموهوب الخارق وصاحب التسربات العجيبة بين الخطوط الدفاعية بسهولة لا تفسير لها سوى مقدرة يمتلكها هذا الموهوب الأنيق, وكذا القيادة الدفاعية الرائعة من خلال كارليس بويول وزميله جيرارد بيكيه, فهما صمام الأمان للمنتخب الإسباني وقبل ذلك لفريقهما برشلونة, ولا ننسى سيرخيو راموس الظهير الأيسر المقاتل الذي منح منطقته الأمامية قوة وصلابة وخطورة في آن واحد.
ومن خلف هذا الثلاث يقف الحارس البارع إيكر كاسياس أفضل حراس المرمى في العالم رغم الهنات التي حدثت وتحدث منه من وقت إلى آخر، لكنه يبقى مصدر أمان وثقة ويشكل تفاهماً متيناً مع المدافعين الأربعة.
أما الناحية الهجومية فعلى الرغم من قلة الأهداف المسجلة في المراحل السابقة إلا أن عناصر هذا الخط من أفضل مهاجمي الكرة في هذه الفترة ومن عداد العناصر الأبرز هجومياً عالمياً وذلك يتمثل بكل من ديفيد فيا وفيرناندو توريس وبيدرو, ويبقى أداء توريس أقل بكثير عما كان عليه في يورو 2008 بيد أنه محل ثقة المدير الفني فيسنتي ديل بوسكي.
وأتساءل هنا: إن لم تكن إسبانيا البطل فمن سيكون يا ترى؟
مع هذه النوعية الخاصة من اللاعبين في جميع المراكز جاءت توقعات وترشيحات - وأنا أحدهم - منتخب إسبانيا ليكون بطلاً متوجاً بلقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه الكروي, مع عدم التقليل بحال من الأحوال من مقدرة المنافس الهولندي وعناصره المنضبطة داخل الميدان، وإن كانت أقل متعة وإثارة وتألقاً من نظيرتها عناصر (لا روخا), لكننا نبقى بنفس الموضوعية والمهنية التي جعلت يوهان كرويف ورود نيستلروي كهولنديين ورئيس اليويفا ميشيل بلاتيني والمغنية الشهيرة شاكيرا يقفون في صف المنتخب الإسباني ويعتبرونه الأحق والأقدر بلقب البطولة هذه المرة، فهل نهنئ عشاق الماتادور بالعالم باللقب الثمين أم نجيرها للمنتخب البرتقالي أحسن منتخب خاسر في كؤوس العالم كما يطلقون عليه؟!.