في 12 يناير، اعتقلت السُلطات التايلاندية رجلاً قالوا إنه عضو في حزب الله اللبناني كان يخطط لتنفيذ هجوم في بانكوك، وأشارت الشرطة التايلاندية إلى أن الفضل في الكشف عن المؤامرة يعود إلى تعاونها مع السُلطات الأميركية والإسرائيلية منذ ديسمبر 2011. وقد نشرت مؤسسة "ستراتفور" مؤخراً تقريراً عن الخطر الذي يُشكله حزب الله على بانكوك في ضوء التطورات العالمية الأخيرة.

يعتمد حزب الله وكثير من التنظيمات المسلحة والإجرامية على بانكوك كمركز تجاري أكثر من أي شيء آخر. لذلك إذا قرر حزب الله أو أي تنظيم دولي مسلح آخر أن ينفذ هجوماً في هذه المدينة، فلا بد من وجود سبب هام لذلك يفوق التكاليف.

المشتبه به، واسمه حسين عتريس، من مواليد لبنان، لكنه حصل على الجنسية السويدية بعد زواجه من مواطنة سويسرية في عام 1996. وقد اعتقلت السُلطات التايلاندية عتريس لدى محاولته صعود طائرة في مطار سوفار نابهومي، المطار الرئيسي في بانكوك بتهمة لها علاقة بالهجرة. وقالت الشرطة إن مشتبهاً آخر لا يزال طليقاً وربما دخل البلاد بالفعل. وإثر اعتقال عتريس في 12 يناير، أصدرت السفارة الأميركية بياناً في اليوم التالي حذَّرت فيه المواطنين الأميركيين في بانكوك من التهديد الإرهابي الأجنبي المحتمل في البلد وطلبت منهم تجنُّب المناطق السياحية. كما أصدرت دول أخرى، بما في ذلك بريطانيا وأستراليا وكندا وإسرائيل، تحذيرات مماثلة. وردت الشرطة التايلاندية بتشديد الإجراءات الأمنية في المواقع السياحية.

وفي 16 يناير، قام حوالي 200 شرطي تايلاندي بتفتيش مبنى تجاري من ثلاثة طوابق في بلدة تبعد 32 كيلومتراً جنوب غرب بانكوك. وقالت التقارير إن المعلومات حول موقع ومحتويات المبنى تم إعطاؤها من قبل عتريس بعد يومين من اعتقاله. وفي الطابق الثاني من المبنى، وجدت الشرطة 4,380 كلج من سماد اليوريا وحوالي 38 ليتراً من نترات الأمونيوم السائلة، وهي كمية كافية لتجهيز عدة شاحنات بالمتفجرات.

في اليوم التالي، وجهت محكمة في بانكوك إلى عتريس تهمة الامتلاك غير المشروع لمواد متفجرة. ومنذ اعتقاله صدرت عدة تصريحات عن السُلطات التايلاندية تعطي روايات متناقضة عما حدث. ولقد بدا وزير الدفاع التايلاندي، الجنرال يوثاساكا ساسيبرافا، مرتاحاً في ربط التحذيرات الأميركية والإسرائيلية باعتقال عتريس ومصادرة المواد المتفجرة، وقال إن عتريس والمتآمرين الآخرين مرتبطون مع حزب الله واختاروا بانكوك في إطار خطتهم للانتقام من إسرائيل. وتوقَّع وزير الدفاع أن السفارة الإسرائيلية، وبيوت العبادة اليهودية، والمطاعم اليهودية يمكن أن تكون هدفاً.

ومع أن هناك الكثير من الأهداف الإسرائيلية والأميركية المحتملة في بانكوك، إلا أن مسؤولين آخرين أعطوا أسباباً أخرى للمؤامرة المزعومة. بحسب قائد الشرطة الوطنية،أصر عتريس أن المواد التي صودرت لم تكن الغاية منها تنفيذ هجمات في تايلاند، لكنها كانت ستنقل إلى بلد ثالث. أحد مسؤولي حزب الله في بيروت، غالب أبو زينب، قال لتلفزيون (LBC) اللبناني إن عتريس ليس عضواً في حزب الله. لكن معلومات الشرطة التايلاندية تقول إن عتريس ليس عضواً في التنظيم المسلح للحزب، لكنه عضو في الجناح التجاري.

إن طبيعة حزب الله ومصالحه تؤيد الرواية القائلة إن المواد المتفجرة التي صادرتها الشرطة كانت ستشحن خارج البلد ولم تكن ستستخدم لتنفيذ هجمات في بانكوك. هناك تفاصيل أخرى في القضية تؤيد هذه الرواية أيضاً. على سبيل المثال، السماد كان سيخبأ في 400 من صناديق المراوح التي وجدت في نفس المبنى.

إن بانكوك، بقدر ما هي مركز تجاري جذاب في جنوب شرق آسيا لرجال الأعمال الشرعيين، فهي أيضاً مركز جذاب لرجال الأعمال غير الشرعيين. في عام 2008، اعتقلت الشرطة التايلاندية تاجر الأسلحة الروسي فيكتور باوت بعد أن تظاهر عناصر من إدارة مكافحة المخدرات الأميركية أنهم أعضاء في القوات الثورية الكولومبية وكانوا يحاولون التفاوض على صفقة لشراء أسلحة، وتم تجريم فيكتور باوت خلال اجتماع في بانكوك. يبدو أن دور عتريس في هذه القضية كان إدارياً مثل دور فيكتور باوت: شراء السماد، إيجاد مكان لتخزينه وإخفائه في صناديق مراوح. هذا الدور لن يبرئه من المسؤولية القانونية في مساعدة جماعة مسلحة، لكنه يضعف نظرية أن حزب الله كان يتآمر لاستخدام المواد في هجوم وشيك في بانكوك.

هذا لا يعني أن حزب الله أو أي مجموعة مسلحة أخرى لن يقوموا بهجوم في بانكوك في المستقبل. لكن سيكون من الصعب إقناع قادة التنظيم أن الآثار المادية السلبية للهجوم في المدينة تستحق المكسب الأيديولوجي.