عرفت الزميل الصديق الدكتور رميح الرميح -رئيس شركة الخطوط الحديدية- في مدن الغربة منذ أن كنت معه ومع الأثير الآخر الدكتور خالد بن إبراهيم الدخيل ثلاثي شغب في مدينة بولدر الأمريكية. والذي يعرفه جيدا رميح الرميح أن الذي يربطني به وما زال قصة وطن جمعت بين صديقين: هو من أقصى حدود الشمال وأنا من الجبل العسيري ثم تماهت هذه الأميال الألفية المتباعدة لتثمر عن التقاء أخوي بكل ما بيننا من ساندوتش – التاكو – وفطائر البيتزاهت. ويؤسفني لوم صاحبي اليوم وأنا أبثه عتابي بعد أن فرغت من قراءة مقابلته مع الزميلة الشرق الأوسط متحدثا عن خط الشمال – الجنوب الحديدي ثم اكتشفت أن – الجنوب – لن ينتهي في نقطة وسط الخريطة. قرأت كل المقابلة وفرحت لأن شابا رائعا من الجيل السعودي الجديد يتسنم اليوم هرم شركة واحدة، بقدر ألمي أيضا لأنني أربأ بصاحبي أن يتناسى نصف الخريطة ومرة أخرى ينتهي به – الجنوب – عند منتصف الخريطة. حزنت لأن صاحبي يقول في العنوان الأعلى إن خط الشمال – الجنوب سيربط السعودية بالأردن ودول مجلس التعاون: أي أنه سيخرج لخارج الحدود وحتى أوروبا دون أن يكون الجنوب في أجندة صديقي أو إضبارات الشركة. ولو أن الشركة آنفة الذكر في ملك مستثمرين من القطاع الخاص لهضمت الأمر بصفتها أموالهم ولهم أن يستثمروها أينما شاؤوا، ولكن الشركة تعود لملكية صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق حكومي من المال العام، ومن حقنا أن نقول له مثلما نقول للصديق العزيز ولشركته: نحن هنا على الخريطة، ونحن جنوب الخريطة الذي لم تتحدث عنه. من حقنا على الخريطة أن نكون ضمن محطات الركاب ومن حقنا أن نكون المسافرين مثلما من حقنا أن ننقل المعادن مثلما كان من حقي أن أقول إن اللحمة الوطنية بناء فكري وفي موازاته بناء مادي تنموي. اللحمة الوطنية رابط اجتماعي وفي موازاتها روابط مادية ملموسة وقبل أن نصل لعمان أو فيينا فإن من حقي أن تصل إلي وأن أصل إليك. أن أكون في أجندتك صديقا ومكانا وأن نكون في أوراق شركة الحديد تحت تمويل صندوق وطني اسمه الاستثمارات العامة.
نحن هنا عشرات المدن وآلاف القرى وملايين السكان فلا يصح أخي رميح الرميح أن تجمعنا – بولدر – الأمريكية بالحب وجواز السفر الأخضر ثم ننسى بعض الخريطة على ذات الجواز حين نعود إلى قلب الخريطة. الوطن الذي عرفته فيك خريطة واحدة كاملة فلتأذن لي بشغبي المعهود لديك. كل ما أردته ليس إلا سهولة الوصول إليك.