من أجمل ما قيل في تصنيف العرب في ظهورهم فضائياً المقولة التي أطلقها المفكر المصري مأمون فندي بقوله "العرب ينقسمون إلى قسمين، عرب الأرض وعرب الفضاء"، ويمكننا أن نسقط هذا التصنيف على صحفيين وفنانين ورياضيين، يختلفون بطبيعتهم على الواقع عن ظهورهم الفضائي كليةً. بعض منهم تشعر وأنت تشاهده أنه يحمل معه سكيناً أو مطرقة لضرب من يخالفه، وآخرون تتمنى أنهم لم يظهروا كي لا تموت محبتك لهم.
ليس كل كاتب متحدثا، أو يصلح أن يكون مذيعا. وليس كل داعية قد ينجح على الشاشة. في نفس الوقت، الشاشة محرقة للكثيرين ولكنهم لا يفقهون. هي الخطوة الأولى لسلم النجومية والغرور والسطحية كذلك. يزيد احترام معدي البرامج التلفزيونية حينما يرفض الضيف الخروج بشكل متكرر، لكن هناك من عرب الأرض من تحول إلى قبيلة الفضاء العربية ليقوم بنقل التناقض في حياته وسلوكه على الشاشة، ويقوم بالكذب والزيف على الجمهور لأجل أن يكون "وسطياً" في الطرح.
هناك أناس صادقون في الطرح والرأي والجرأة، وقد يطول بنا الأمد في تعدادهم، وفي نفس الوقت هناك من لا علاقة لهم بكل ذلك، وظهورهم مجرد زيادة عدد. وهناك شخصيات فضائية يزيد احترامك لها حينما تلتقي بها وتناقشها، وكل من هؤلاء يتحدث على الأرض بمثل ما يقول على الفضاء، لم يصرخ يوماً ليثبت وجهة نظر، ولم يقص أحداً في برامجه ، لأن برامجه لا علاقة لها بالإقصاء بشكل مباشر. يتقبل النقد وقد يرفضه بهدوء، لكنه لا يكن لمن ينتقده نكتاً سوداء في قلبه.
الأزمة لدى عرب الأرض أنهم هادئون عليها، صارخون بكل ما يستطيعون من قوة حينما يظهرون على الفضاء، ومما يشكرون عليه أنهم يتساقطون برنامجا بعد آخر، وحلقةً بعد أخرى، وضيفاً بعد آخر. عرب الشاشات مثل الظاهرة الصوتية، تختفي بعد رجع الصدى. قليل منهم يشكلون فعلاً، كلهم للأسف ردات فعل.