عشرة أيام ودقائق وثوان تفصلنا عن انطلاقة نهائيات كأس العالم باستضافة جنوب إفريقية هي الأولى في القارة السمراء بفضل تأثير شخصية تاريخية مثل نيلسون مانديلا, ذلك الرمز التاريخي ليس فقط لبلاد البافانا بافانا وإنما لكثير من شعوب العالم الحرة التي تعاطفت مع قضيته وسجنه التعسفي طيلة أكثر من ربع قرن قضاها في جزيرة نائية اسمها روبي آيلند التي باتت مقصداً للسياح في الوقت الحاضر لمن يزور الكيب تاون تحديداً.

سنحت لي الفرصة بزيارة هذا البلد, وتعرفت على كثير من مدنه وثقافاته ولغاته, وجوانب من معاناة جزء بسيط من أبنائه من ذوي السحنة السمراء, الذي تستغل بعض ظروفه هذه الأيام من وسائل إعلامية تتخذ من القصور المعرفي والمهني مطية لها في هذا الشأن وذلك ضد هذا البلد الصديق, البلد الذي أنجب الداعية المسلم الشهير أحمد ديدات, وتعميم هذه الإسقاطات والمعلومات المغلوطة على سائر أرجاء وجماليات ومزايا وتميز دولة تعد كما يصفها المؤرخون (قطعة أوروبية في إفريقيا) وهكذا رأيتها.

آسف كثيراً لبعض أطروحات بعض الإخوة الإعلاميين الذين يتفوهون بمقولات مرجعيتها (وكالة يقولون) دون معايشة حقيقية لهذا الشعب الودود والمتطور والمتقدم في كثير من الجوانب العلمية والتقنية والمواصلات والاتصالات والعسكرية والطبية, فضلاً عن تميز وتفوق الجوانب السياحية الرائعة, فقد اطلعت وتعرفت جيداً على مدن (صن سيتي), و(دوربان), و(جوهانسبيرغ), و(بريتوريا), و(كيب تاون), وما شاهدته بأم عيني يفوق كثيراً ما يحاول البعض تشويهه.




عموماً هذا الموضوع سيطول تناوله، وسأذهب نحو الكرة التي ستلاحقها العدسات وقبلها القلوب من كافة أرجاء المعمورة لمدة 32 يوماً بمشاركة 32 منتخباً هي خلاصة منتخبات الكرة الأرضية.

الكرة كما هي الحقائق تقول لا يأمن جانبها إلا مكابر أو لا يملك الحنكة والمعرفة المسبقة بها, فليس صحيحاً على الدوام أنها تعطي من يعطيها الجهد والمهارة والإتقان الأدائي, وليس صحيحاً أنها تنصف المنتخب الأحق باللقب والمجمع عليه من قبل المحللين والمراقبين, وإلا لشاهدنا قائمة المنتخبات الفائزة بها مختلفة وعدد مرات الحصول عليه كذلك مختلفة, فأين المجر على عظمتها الكروية من القائمة الذهبية وهي التي أذهلت العالم وقدمت نجوماً في عداد الأساطير مثل بوشكاش, وأين منتخب البرازيل عام 1982 من الظفر باللقب الذي ذهب إلى غابات السيقان والتشتيت الكروي والتعطيل بكافة طرقه وأساليبه, وأين هولندا التي قدمت نجوماً مبهرين لم يبرحوا الذاكرة إلى يومنا الحاضر وفي مقدمتهم الأسطورة يوهان كرويف, وها نحن على مشارف بطولة عالمية جديدة وتسبق الانطلاقة ترشيحات فنية موضوعية تقول بأفضلية وبتميز أدائي إسباني لافت منذ عام 2007 وهو تميز منحها اللقب الأوروبي للمرة الثانية على مستوى المنتخبات, ومنح فرقها على مستوى الأندية الأفضلية على مستوى البطولات القارية و العالمية ممثلة في فريق برشلونة، ونجوم الكرة الإسبانية أمثال تشابي هيرنانديز وانييستا وفيرناندو توريس وديفيد فيا وايكر كازياس.. جميعهم يتصدرون قوائم الترشيحات والاستفتاءات في أهم وأكبر وأشهر الهيئات والمنظمات والوسائل الإعلامية والجماهيرية في العالم, بل إن عشرة من نجومه الحاليين يعتبرون أميز العناصر في مراكزهم بحسب التقارير الفنية المحايدة, ومع كل هذا هل نستطيع أن نقول إن الكرة ستنصف الإسبان هذه المرة وتمنحهم لقباً هم الأقدر والأفضل لنيله؟!

أتمنى ذلك من كل قلبي, وإن استعصت الأمنية فأتمناها أرجنتينية بإبداعات الأسطورة ليونيل ميسي.