لم تمنع اللهجات العربية المختلفة التي يمثلها مثقفون ومبدعون أتوا إلى أرض "الجنادرية" من مختلف أصقاع الأرض، من تقاطع هموم أصحابها الموحدة تقريبا.

ففي إحدى الحافلات المتجهة من مقر إقامة الضيوف في فندق "الماريوت" إلى أرض الجنادرية لم يكن يقطع الحديث "الساخن" بين ضيوف من دولة الكويت حول الانتخابات البرلمانية - حديث الشارع والإعلام هناك - سوى ارتفاع الصوت وانخفاضه من آخر الحافلة بسبب أحداث سورية والقتل المتصاعد فيها، حيث كان عدد من مثقفي لبنان ومصر والسعودية يتحاورون حول القضية بلغة توحي بالألم والفجيعة، في ظل تساؤل يطرح بين حين وآخر بين المتحاورين مفاده إلى أين تتجه الأمور؟ وهو التساؤل الذي لم يستطع أي منهم الإجابة عنه، حيث كان الجميع يكتفي بهز الرأس بحسرة.

وعندما اقتربت الحافلة من مقر المهرجان، كانت الصحراء التي تكسوها بعض الأعشاب محفزا لسائقي أربع حافلات تسير خلف بعضها بعضا في الانعطاف يمينا، والتوقف وسط أجواء ربيعية غاية في الجذب. ومع انحدار قرص الشمس للمغيب وظهور الشفق في سماء شبه صافية، رمى الجميع هموم الثقافة والسياسة العربية على مقاعد الحافلات ونزلوا إلى الفضاء الرحب يستنشقون هواء الصحراء العليل ويتمتعون بلحظات نادرة للكثير منهم وخصوصا أولئك الذين قدموا من وسط الثلوج والأجواء الشتوية القاسية، فلم تعد تسمع سوى "القفشات" الجانبية والمرح الذي حرص البعض على توثيقه بالصورة والصوت.