قال المرشح التوافقي عبد ربه منصور هادي، الذي ينتخب اليوم رئيساً جديداً لليمن خلفاً للرئيس علي عبد الله صالح إنه لم يكن مستعداً للوقوف في منتصف الطريق وهو يرى اليمن ذاهب إلى خراب ودمار و"صومال ثانية". وأوضح في كلمة ألقاها قبل يوم من توليه منصب الرئاسة "فرضت علي الاعتباراتٍ الوطنية والأخلاقية تحمُّل المسؤوليةِ في فترةٍ زمنية ملتبسة اختلطت فيها الأوراق وسُفِح فيها الدم اليمني الطاهر لأسبابٍ لا يمكن بأي حالٍ تفهمها أو تبريرها".

وأضاف "تحقيق مثل هذه القِيم بمثابة إتمام واجب تحملته عن رضا وقناعة مع إخوان آخرين، وما كان لي أن أقف في منتصف الطريق أو أرتدَّ راجعاً تحت مخاوف مهما كانت جديتها، لأنها ستظل أقل أهمية مقارنة بعِظم مسؤولية القيام بواجب اقتضته المصلحةُ الوطنية، لذا قبلت ما كنت زاهداً فيه بالموافقة على الترشح لرئاسة الجمهورية اليمنية".

وأشاد هادي بالدور الذي قامت به المملكة لمساعدة بلاده في محنتها، وقال "لقد مرت على اليمن أشهر ضنَكٍ لم تشهدها من قبل حتى صار أكثر المراقبين تفاؤلاً يتوقع أن تصير إلى ما وصلت إليه الصومال تشرذماً وتفكُكَاً ودماراً، إِلا أنه وبتعاونِ الأشقاءِ في دول الخليجِ وفي مقدِّمتِهم خادمُ الحرمينِ الشريفينِ الملك عبد الله بن عبد العزيز وكذا الدّولِ الصديقةِ تمت حلحلةِ الأزمةِ بعد أن توافقت الأطراف جميعُها على المخرجِ الذي قدمته المُبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".


عسكري "هادئ" ونائب "منصور"

أبها: نزار عبدالباقي

ولد عبد ربه منصور هادي في الأول من مايو 1945 في قرية ذكين بمحافظة أبين الجنوبية، وانضم إلى الجيش اليمني عام 1970، وترقى حتى عُيِّن وزيرا للدفاع في مايو 1994، وأصبح بعد ستة أشهر نائبا لرئيس الجمهورية، ونائبا لرئيس حزب المؤتمر الشعبي الحاكم.

امتاز بالهدوء منذ بداياته السياسية. لم يكن صاخبا ولا مصادما رغم نشأته العسكرية. ذكاؤه الكبير جعله يفرض نفسه لاعبا أساسيا على الساحة اليمنية عندما غاب الرئيس صالح، وهو الذي لا يتكئ على خلفية قبلية أو مناطقية أو مذهبية، في بلد تشكل فيه هذه الخلفيات أساسا يصعب تجاوزه. أبرز خصائصه تكمن في القدرة على الاحتفاظ بأوراق متباينة واستعمالها بمهارة عالية، فهو العسكري الهادئ الذي يرفض استخدام القوة، وهو ابن الجنوب الذي والى الشماليين وحقق معهم الوحدة، كما أنه الوحيد الذي حصل على إجماعٍ نادر في وقت يمور بالمتناقضات.

عندما غاب صالح عن المشهد السياسي عقب إصابته وأسند الأمر إلى نائبه ظن كثير أن هادي سرعان ما سيعلن استيلاءه على السلطة، إلا أنه أحجم عن ذلك رغم أن الأجواء كانت مهيأة، لكنه آثر مصلحة بلاده على نفسه، وأدار بمهارة عالية معركة تسليم السلطة للشعب، وربما كان ذلك العامل الأبرز الذي جعل اليمنيين يجمعون عليه رئيسا توافقيا لمرحلة انتقالية ربما تكون الأبرز في تاريخ بلادهم.