رجل يرقد في شارع وينزف من جرح نتج عن طلق ناري في صدره وهو يمسك بوردة حمراء وأمامه جندي يطلق رصاصة من فتحة في دبابته ولهب أحمر يخرج من ماسورة بندقيته. ورجل ثان يلوح بذراعيه إذ أصيب أيضا برصاصة في الصدر. وإذا كان لصورة أن تساوي ألف كلمة فحينئذ تساوي صور إيميل البالغة من العمر 14 عاما مليون كلمة.

تقول إيميل وهي تشير إلى اثنتين من لوحاتها المثبتة على لوحة إعلانات "هذه الصور تظهر ما رأيته. رأيت هذه المشاهد بعيني رأسي". وإيميل واحدة من آلاف السوريين الذين تدفقوا على الحدود إلى تركيا فرارا من دموية نظام الرئيس بشار الأسد.

تعيش إيميل مع إخوتها ووالديها في بوينيوجون ـ أحد ستة مخيمات للاجئين على الجانب الآخر من الحدود بإقليم هاتاي التركي. وإيميل مثل أغلب سكان المخيم من بلدة جسر الشغور بمحافظة إدلب.

وهناك عشرة آلاف لاجئ مسجل في هذه المخيمات، فيما يعيش ما لا يقل عن ألفين آخرين بالخارج إما مع أقاربهم أو في مساكن مستأجرة.

وقالت إيميل وهي مثل جميع الأطفال بالمخيم لا يجري تعريفها الا باسمها الأول "كنا نجلس بالمنزل. والشوارع كانت خاوية تماما، حينئذ سمعنا جلبة وعرفنا أن القتال بدأ. في البداية عندما رأيت الجنود اعتقدت أن أشياء جيدة تحدث لكن عندئذ رأيتهم يطلقون النار على الناس وعرفت أن الأمر سيئ. هم يقتلون إخوتنا أمام أعيننا. الكبار والصغار. من في العالم يقتل طفلا؟".

وخارج الخيمة تضاحك أطفال صغار وركضوا تحت المطر. وفي خيمة قريبة أخذ أطفال في الخامسة والسادسة من عمرهم يرددون أغاني رياض الأطفال باللغة التركية.

لكن بعد دقائق سارت مجموعة من الصبية الصغار في المخيم ملوحين بقبضاتهم في الهواء وهم يبتسمون ويرددون الشعارات السياسية التي تعلموها من أشقائهم الأكبر سنا.

بدورها قالت نادين، وهي مهندسة مدنية عمرها 23 عاما "هؤلاء الأطفال يعبرون عن مشاعرهم كما لو كانوا في حرب. هؤلاء الأطفال يائسون".

وتهوى نادين، اللاجئة من جسر الشغور، الرسم وقررت أن تنشئ فصلا دراسيا للرسم في المخيم لمنح الأطفال شيئا يفعلونه. أما ربا التي تكبر إيميل بأربع سنوات، فتعبر لوحاتها عن رسوم كاريكاتورية بالقلم الرصاص وتعكس منظورا أكبر. ففي إحدى اللوحات يجلس رجل يشبه الغول على طاولة ولعابه يسيل ويحمل سكينا وشوكة في كلتا يديه وفي الطبق أمامه خريطة على شكل سورية. وقالت ربا "هذه الرسوم تصور جرائم بشار الهمجي. يستخدم وسائل كثيرة لإلحاق الضرر بنا. لن نصفح عنه. دم الشهداء ليس رخيصا. نريده أن يرحل".