سألتها: كم عمرك؟ قالت: 24 سنة. هل تدرسين؟ نعم في الجامعة قسم الآداب. هل أنت متزوجة؟ لا .. لم إذن هذا الوزن الزائد؟ قلت ذلك ، وكان وزن الطالبة الجامعية 114 كيلو جراما تماما!
سألت : هل هناك من مقاييس للوزن؟ قلت : هناك طريقة دقيقة يقال لها (BMI= Body Mass Index) مؤشر أو مشعر كتلة الجسم، ولها طريقة رياضية في الحسبة، وهناك طريقة بسيطة غير معقدة تقوم على حذف مئة من الطول فما تبقى يكون تقريبا الوزن الأقرب للصحة! بمعنى أن من كان طولها 160 سم وجب أن لا يزيد وزنها عن 60 كيلوجراما، والرجال أكثر بقليل بسبب الكتلة العضلية!
مع هذا فليس مثل النحافة صحة والصوم عدلا، والأبحاث الحديثة التي جاءت من جامعة وسكونسين التي دامت 17 سنة على القرود كانت عجيبة، وقد نشرتها بالتفصيل في مجلة المجلة قبل أن تتبخر إلى عالم الإلكترون، فيمكن أن أضعها بالتفصيل بين يدي القارئ.
وخلاصة هذا البحث أنهم قسموا القرود إلى قسمين، الأول يأكل ما يشتهي بالكمية التي يشتهيها في الوقت الذي يريد. والفريق الثاني محروم من الطعام إلا بقدر، بسعرات حرارية محدودة أقل من الحاجة اليومية بقليل، فظهر فريقان في النهاية فريق السمان وفريق الجياع، الأول مترهل مريض نصفه ميت، والثاني رشيق نشيط صحيح البدن خال من العلل طويل العمر.
والأعجب كان الكشف عن إنزيم جديد في دم الصائمين. وهذا الكلام ينفعنا حاليا كوننا مقدمين بعد شهرين على شهر رمضان، أقول عثروا على إنزيم أعطوه اسم (السيروتوئين) له خمسة تأثيرات في صيانة البدن والنجاة من أخطاء نسخ الكود الوراثي وترميم الأنسجة وزيادة الأكسدة وما شابه، وكلها عناصر تصب في مصلحة صحة البدن.
هذا الكلام أقوله لأن البدانة التي نواجهها في العيادات لا تصدق، والرفاهية مشكلة، والطعام مصيبة، ومما يروى عن ترف الرومان أنهم احتاروا فيم يفعلون مع الملذات فكانوا يأكلون ويتمتعون كالأنعام ثم يتقيؤون فيخرجون ما أكلوا ليعيدوا الأكل من جديد.. والله يقول وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، ولكن من يسمع كلام الرحمن فضلا عن تطبيقه..؟ والله يقول وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول بل أجوع وأشبع ، وكان يشد الحجر على بطنه وعمر رضي الله عنه يسمع فرقعة الأمعاء عنده فيقول قرقري ما تقرقرين فوالله ما ذقت السمن حتى تذوقه أمة محمد .. إنها أخلاقيات صعبة لشعب يغرق في وحل الترف والمتعة والرفاهية.. والله يقول ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير..
والخلاصة.. المملكة حاليا فيها أكبر نسبة إصابات حوادث في العالم ، أو لنقل بكلمة أدق على رأس القائمة، وكل يوم يخرج الإنسان إلى الشارع ليكتب وصيته ، فهي ساحات حرب ومعارك.. وحاليا بلغت نسبة مرضى السكر في المملكة درجة الوباء فكل واحد من أربعة أو خمسة مصاب بالبدانة والسكر يضاف لهما المصائب اللاحقة من الضغط والكولسترول والموت البطيء أو السريع أيقاظا للنائمين ونصيحة للمستيقظين..