خمسيني ظهر الشيب في مفرق رأسه، يرى نفسه في غربة على غربة، أتى من بلاده فقيراً يبحث عن قوت يوم صغاره فوجد نفسه بين هوامير المال جاءوا من مختلف أنحاء العالم ليجتمعوا في أحد أرقى أماكن التجمع بجدة.

محمد الأمين ميا بنغلاديشي يعمل في فندق الهيلتون بوظيفة مقدم خدمة "سيرفس" ، تخصص في صب القهوة العربية ، يقدمها لضيوف منتدى جدة الاقتصادي، إلا أنه لم يتذوقها رغم أنه يعمل في هذه المهنة من عدة سنوات.

لا يعلم ماذا يحدث في البهو الذي أمامه ولا يعلم من هم الضيوف لكنه يعتقد أنهم مهمون ولديهم المال.

نظراته ترمق الداخلين ترقباً لسحب فنجاله من موقعه وسكب قليل من القهوة العربية وتقديمها مع التمر للزائر الجديد، يبتسم للجميع ولا يتحدث إلا عند الطلب منه أو سؤاله، لبس بزته الأنيقة واهتم بهندامه في انتظار أن ينهي مهمته التي بدأها بكل جد.

طوال الست ساعات التي يقضيها في عمله يقلب بصره ذات اليمين وذات الشمال دون أن يتجرأ على السؤال، ويبقى راتبه الذي لا يتجاوز 1500 ريال مصدر فخر له فيما تتبارى المليارات منتشية في مشالح رجال الأعمال دون أن يهتز له طرف أو يبحث عن المزيد من قبل مشغليه.

محمد ميا أمضى 4 سنوات في جدة وعمل في فندق الهيلتون ولا يعرف عن جدة الكثير، كما لا يعرف الكثير من الوجوه التي يراها بشكل دوري .

يعتبر القهوة العربية جميلة ويمدح سلعته رغم أنه يقول إنه لم يشربها في يوم من الأيام ولو من باب التجربة .. ويقول إنه لا يعدها ولا يعرف طريقة إعدادها إنما تأتيه جاهزة ويقوم بصبها للضيوف.