• ما أصعب أن يكون أحدٌ ما وجهاً للمكان الذي جاء منه!. حقاً إن الذي يستطيع أن يصير صوتاً للأرض ولا شيء سواها.. لا بدّ أنه خرج من كل تعصّبٍ، خرج من الضغائن والأحقاد، وفكر بالمكان الذي ولد فيه، بكل براءةٍ فحسب، فأحبه بكل ما يستطيعه من يقين وحياد. حاملاً في جوفه إحساساً بالبيوت القديمة، وصدقاً مع الأزقة التي مشى فيها ملايين البشر، وتركوا فيها حكاياتهم وصلواتهم وأحلامهم. ما أرقّ أولئك الذين خلقوا ليكونوا توثيقاً للزمن الذي لم ندركه، وللطرقات التي لم نعبرها، والجدران التي لم نعش بين قصصها وجنباتها، والبيوت التي لم ننم في زواياها! إنهم أناسٌ عرفوا سنة الله في أرضه، وأدركوا أن الأرض وحدها هي التي ستبقى بعدهم، وأن الأعمار وكل شيء سيذهب إلا هي، فاختاروا العيش لأجل الأمكنة بهدوءٍ وحكمة وطمأنينة، يمشون بوصية الله التي أوصى بها الإنسان؛ عندما استخلفه في الأرض لعمارتها وإحيائها والخوف عليها.. فصارت حياتهم، وهاجسهم صار مثل أمكنتهم، يشبهون الأرض الطيبة التي جاؤوا منها وكتبوا عنها، وهكذا هو وجه عدنان اليافي.. وهكذا هي المدينة التي يكتب عنها؛ جدة!.
• كتاب (جدة في شذرات الغزاوي) صدر قبل شهر، من تأليف الدكتور عدنان اليافي، يستعرض تاريخ هذه المدينة الرقيقة والفاتنة في أزمنةٍ مختلفة، والكتاب يتناول تاريخ نشأة جدة، واسمها وتسميتها، وموقعها ومناخها ومؤرخيها، ثم يتناول ما قيل عن الشاعر العظيم؛ أحمد بن إبراهيم الغزاوي، رجل التاريخ، وشاعر الملك عبدالعزيز، رحمهما الله، ثم يأتي الكتاب على سيرة هذا الشاعر، وأخيراً يستعرض كتاب الشذرات مدينة جدة، من خلال آثار هذا الشاعر الجليل؛ أحمد الغزاوي. إنه كتابٌ مليء بالحياة والوقائع. كتاب ليس بوسع من يمر على حياة هذه المدينة يوماً ما إلا أن يرجع إليه، أما مؤلفه فهو عدنان اليافي، رجلٌ كثير الصدق، قليل الكلام، عميق الشبه بالحياة والأرض!.
http://www.youtube.com/watch?v=EcBu9rFztgE
• ربما لو وجد عدنان في زمنٍ سابق لكان رحالة يجوب العالم من مكان لمكان، لا يؤذي أحداً، ولا يحمل غلاً على أحد، لكنه بكل بساطة وحقيقة، يحمل في داخله الإحساس بمسؤولية وطنه والأرض والحضارات. عدنان لا يريد أن تتوقف الحياة، ولا يريد للإنسان أن ينتهي ولا أن يتألم في أي مكان، ويخاف على أجيالٍ ستأتي؛ أن لا تعرف هويتها وقيمة مكانها!.
• جدة.. قدرها أن تكون بوابة تاريخية دوماً، وواجهة مباشرة لملايين البشر الذين يقصدون بيت الله كل عام!.