(سبق وسألتك سؤالا شخصيا يا سيد السخرية: بفرض الإباحة، هل ستسمح يوماً لأحد أبنائك وبناتك لو جاءك يطلب الغناء أو(التمثيل)؟ ولم تجبني أبدا!!).
كان هذا تعليق قارئة الزاوية المميزة/ "لمى بريدي" على النشرة النقدية أمس! ومع شديد التحفظ على صفة "سيد السخرية" ـ ليس تواضعاً، أستغفر الله، ولكن إن لم تكن السخرية حرة "الحرارير" فمن يا لمى؟ ـ وضع "الأخ/ أنا" تحت "شخصياً" جميع خطوط الطول والعرض "الوهمية"، وفوقها جميع خطوط النسخ والرقعة الجوية العربية السعودية "الحقيقية"! ذلك أن السائلة من أكثر المتابعين لطرحه، وتعلم بلا شك ـ ولاتطريز ولاتخريم ـ أن محاربة "الشخصنة" هي قضيته الأولى والأخيرة، و"الربع ربع"! والجواب المباشر ـ وماهو بـ"دُبٍّ"، ولا "لوماسي" ـ هو: أن "الطابع بأمر الله" لايأبه لسلوك "الشخص"، لأنه قتله قتلاً لاهوادة فيه، منذ الحرف الأول الذي ظهر تحت عنوان "بعد النسيان"! وهو ـ بالمناسبة ـ مأخوذ من قول الزميلة/ "الست": "إن كان على الحب القديم/ وإن كان على الجرح الأليم/ ستاير النسيان/ نزلت بقى لها زمان"!
ومازال على مبدأ حرب "الشخصنة" حتى في البرامج التلفزيونية، فقد فاجأته المذيعة الجميلة/"مها شلبي"، إذ كان يناقش قضية "تكافؤ النسب"، في حلقة من "صباح الخير ياعرب 2008" بسؤالها: هل تقبل أنت أن تزوج ابنتك لغير مكافئ لها نسباً؟ وظنت أنها أحرجته بهذا السؤال الذي لم يكن ضمن المحاور ـ كان "تركي الدخيل" أشطر ـ فأجاب بلا "نحنحةٍ"، ولا "حقحقةٍ"، ولا "طبعنة": هذه "شخصنة" لقضية عامة طامة هامة، ماذا يعني أن أقبل أو لا أقبل إذا كان القضاء "يشرعن" لأخيها، أو عمها، أو حتى "زوج أختها" أن يرفع قضيةً ويبطل الزواج، ويشتت شملها، ويضيِّع مستقبل أطفالها؟!
إن "الشخصنة" داؤنا الثقافي المزمن، يبدأ باستغراق المبدع ـ كاتباً وشاعراً وفناناً ومفكراً ـ في النرجسية، وهو يمارس "أستاذيته" على المتلقي: فإن أعجب به؛ فلأن "شخصه" ساحر فتَّان! وإن لم يعجب ـ لاسمح الله ـ فلأن "المتلقي" متخلفٌ، في مجتمع متخلف، لا يقرأ، وإذا قرئ "له" لم ينصت، وإذا قرئ "عليه" وقع صريعاً؛ لأن قبيلةً من الجن تلعب "القلطة" في رأسه!
وأدهى وأمر مراحل الداء هي: "شخصنة" الآراء الفقهية البشرية! فمع يقيننا بأنه لا نبي ولا شيخ للإسلام بعد محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمازلنا نرفع شعار: "خل بينك وبين النار مطوع"! و"لحومهم مسمومة"! ورغم أن أحداً مِمَّن "سُمِّمَ" لحمه من الفقهاء الأجلاء لم يزكِّ نفسه بذلك، فليس أمامك إلا أن تكون نباتياً!