حين تعارض وتنتقد سلوكيات أحد الإسلاميين فإنك ستصنف بأنك ليبرالي، وعندما تقوم بنقد وزارة الصحة ثم بعد يومين تنتقد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنك ستصبح ليبراليا، ليس لأنك قمت بنقد وزارة الصحة بل لأنك نقدت جهازا حكوميا آخر هو الهيئة! السعوديون الذين ينتمون لتيارات فكرية غير "إسلامية" أو غير "إسلاموية"، وحتى لا يلتبس على القارئ فيظن أن كل ما هو غير "إسلامي" يعني الديانة، فإن التيار الفكري له أجندته الخاصة، ولهذا يطلق لفظ "إسلامي" لأنه يستخدم الدين ولا يخدمه، وكل معارض لهذا التيار فهو ليبرالي، والمصطلح لم ينتشر بين أوساط السعوديين كـ(تهمة) إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حين ارتفع صوت المنتقدين للمناهج الدراسية والمراكز الصيفية وغيرها، فتخندق المدافعون في خندق الدين، ورفعوا راية المظلومية، وأنهم مُحاربون لأنهم متدينون فقط، فأصبح الدين غطاءً للحزبيين والحركيين ومن هم على شاكلتهم.

إذاً,، الليبرالي هو مواطن سعودي، قبل ذلك هو مؤمن بالله ومسلم، لكنه وجد نفسه محاطا بالتصنيفات التي تحولت عند البعض إلى تهمة. الليبرالي في نظر المجتمع هو من ينتقد ويقوم جهاز هيئة الأمر بالمعروف ويناقش الوعاظ ويرد عليهم، ويتهمونه بأنه يشيع الفاحشة ويسعى إلى ذلك!

قبل أيام سأل أحدهم شيخا فقال: يتقدم بعض راغبي الزواج وهو يحمل الفكر الليبرالي بجميع جوانبه فهل يجوز تزويجه من فتاة مسلمة؟

الإجابة كانت: "لا يجوز تزويج من يعرف ببعض أنواع الإلحاد"!

السؤال عن الليبرالية وربطه بالإسلام من عدمه، والإجابة عن "أنواع الإلحاد". أي أن السائل والمسؤول يلتقيان في الجهل بما تم السؤال عنه، ولهذا فلا يستغرب أحد من ارتفاع نسبة فتاوى التكفير والإقصاء، خصوصاً حين يجيب الشيخ بقوله: "بعض أنواع الإلحاد"!