جاري أبو سعد مبسوط من مبادرات هيئة مكافحة الفساد المتمثلة في الإعلان عن ضبطها لفساد هنا وهناك، وتحويل بعض ما وقفت عليه في هذا الجانب إلى هيئة الرقابة والتحقيق، ولأن جاري بات ينظر لأي قصور في أي عمل على أنه نوع من أنواع الفساد، فهو لم يعتق حتى بيوت الله من تهمة الفساد، فقد أشار لي بعد تسليمة الإمام مباشرة في صلاة العشاء قبل يومين قائلا: "شوف الفساد" فقلت له بصوت منخفض: "وين"؟ فقال: "شوف هالوساخة كل أماكن السجود غير نظيفة مملوءة بالشعر وما يتساقط من ملابس المصلين وبقايا أكل من يفطرون هنا، ولا يوجد من يكنس المسجد ولو مرة واحدة في اليوم بينما في رمضان وبسبب كثرة المصلين ينبغي كنسه يوميا ولأكثر من مرة" .

قلت له وما علاقة الفساد بكل هذا؟ فقال: "الفساد يكمن في أن العامل المعني بنظافة المسجد مشغول بتنظيف سيارات أهل الحي لحسابه الخاص، وفي الصباح مشغول بتوصيل الموظفات أو الطلبة (أيام الدراسة) وفي العصر يعمل بائعا في أحد المحلات التجارية فمن أين له وقت لينظف المسجد"؟

قلت له رغم تحفظي على كلمة فساد إذ لست أدري هل هذا يمكن تصنيفه على أنه فساد أم لا، لكنني حتما أشاركك الرأي في أن بيوت الله عز وجل لا تلقى من الاهتمام ما ينبغي وما يفترض، سواء من داخلها أو خارجها، أو حتى فيما هو تابع لها مثل أماكن الوضوء، والملاحظ في رمضان أنك ما أن تدخل للمسجد إلا وتشم رائحة الأكل وروائح بشر كانوا نائمين، وتلاحظ قوارير ماء فارغة مصفوفة بجانب المصاحف فحتى المصلين حينما يشربون يتركون تلك القوارير في نفس أماكنها ولك أن تشاهد المساويك كيف هي مرمية في كل مكان، ولا ينافسها في البعثرة والفوضى سوى نشرات وكتيبات عن الصيام ورمضان لا بد أن تحركها بيدك لتبعدها عن مكان سجودك، وملصقات على الجدران وعلى باب المسجد من الداخل والخارج بشكل غير حضاري ولا يتناسب مع ما يفترض أن يكون عليه المسلم في ذوقه وترتيبه ودقته وحرصه ونظافته خاصة حينما يكون ذلك داخل بيوت الله.