عندما سجد محمد فرح لله شكراً بعدما أنهى سباق العشرة آلاف متر عدواً محققاً ميدالية ذهبية لبريطانيا لأول مرة في تاريخها، قال المذيع البريطاني المنتشي بالفوز شارحاً تصرفه: إنه مسلم.

في الحقيقة محمد فرح شاب من أصول صومالية قدم من الصومال إلى بريطانيا وعمره 8 سنوات فقط؛ ليجد فرصته للحياة فيها بعيداً عن القتل بالرصاص أو المجاعة، كما وجد فيها من يهتم بتميّزه وموهبته.

تستقبل بريطانيا سنوياً آلاف اللاجئين من كل دول العالم، وتقدم لهم المسكن والمصروف الأسبوعي، وتتكفل بتعليم أطفالهم، وربما يظهر للعالم أن سجود محمد بعد فوزه دليل على أن بريطانيا الليبرالية لا تطمع من وراء هذا الإحسان العظيم في تغيير ديانة أحد مثلاً.

أضف إلى ذلك أنك في بريطانيا تلاحظ مدى حرص الصوماليين على دينهم ومظهرهم الإسلامي في حجاب نسائهم وهيئة رجالهم؛ فلا تتعجب لو اقترب منك أحدهم وأخبرك أنه يمكنك أن تعلم أطفالك القرآن في مدرسة صومالية أعدوها بجهودهم الذاتية لذلك، ثم يشرح لك أهمية القرآن وأنه أولى من اللغة الإنكليزية، حتى إنك تشعر بالخجل من قائمة أولوياتك!

أو ترى طفلة صومالية ترتدي حجابها وهي تدخل مدرستها الابتدائية وأنت واثق أنه لا أحد سينزع عن الرأس الصغير غطاءه.

في رأيي، بريطانيا أخرجت أجمل ما في الصوماليين بتمكينهم من سبل الحياة الكريمة؛ فوقتهم من الغوص في وحل الفقر وما يؤدي إليه من المتاجرة بالمخدرات والأجساد والدماء أحياناً.

محمد فرح بعد سجوده توجه نحو زوجته البريطانية البيضاء وقبلها أمام العالم، في نظري كانت القبلة لبريطانيا عامة عرفاناً منه لأجل إنسانيتها لهذا الشعب الذي اضطرته الظروف للجوء إليها.