هناك سباق محموم بين الكثير من وسائل الإعلام في العالم العربي نحو بث ونشر الكثير من الأخبار والمعلومات دون توثيقها أو التحقق من مصدرها، وقد ساهمت ثورة الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي المتمثلة في "فيس بوك" و"تويتر" في زيادة معدلات هذه الآلية من نشر الأخبار والمعلومات، وأصبحت بعض وسائل الإعلام تستند إلى شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي في الحصول على الأخبار، نحن لا نرفض "فيس بوك وتويتر" جذريا، ولكن ندعو إلى المصداقية والتحقق من المعلومة قبل نشرها من مصدرها الرئيس أو محاولة توثيقها، والتأكد من صحتها بكافة الطرق المتاحة، ولذلك عند الحصول على المعلومات منذ أول وهلة لا بد من التحرك وراءها حتى يتم التحقق منها جيدا، والتأكد من صحتها، بعد ذلك يتم نشرها في حال صدقها، أو استبعادها في حال كذبها.
عدم توثيق المعلومات أو التأكد منها قد يحدث كوارث ويتسبب في أزمات في المجتمعات سواء في بث الخلافات والمشادات بين الدول بعضها البعض، أو بين المجتمعات أو الأفراد، هذه الظاهرة وللأسف الشديد أصبحت متفشية في بعض الدول وخاصة دول الربيع العربي التي تعتبر ذلك جزءا من الحرية بعد الثورات التي قامت فيها، ولكن الحرية تقوم على المصداقية والتوثيق لكافة المعلومات التي تبث أو تنشر، ونأمل من كافة الجهات الرسمية مساعدة الإعلاميين والصحفيين في توثيق أو التحقق من المعلومات المتوفرة بين أيديهم وهنا تكمن أهمية إيجاد متحدث رسمي باسم الجهات الحكومية أو المنشآت التجارية للتصدي إلى أي ادعاءات، والعمل على تمليك المعلومات الصحيحة للإعلام. الإعلام يجب أن يكون وسيلة للبناء وليس للهدم، وأعتقد أنه يحتاج إلى ضوابط قانونية تسهم في ضبط إيقاعه المهني، فضلا عن قيام كافة وسائل الإعلام بإعداد ميثاق للشرف المهني يكون بمثابة الدستور الذي تسير على نهجه مختلف وسائل الإعلام، بالإضافة إلى الاهتمام بالتدريب المستمر للكوادر الإعلامية داخل مؤسساتها لتفرق ما بين الغث والسمين، علاوة على ذلك كله يتم عقد مؤتمرات دورية تشارك فيه وسائل الإعلام من جميع الدول العربية لرصد كافة الظواهر السلبية التي تعيق العملية الإعلامية وتسبب الكثير من المشكلات، وتكون في نهاية المؤتمرات توصيات مهنية ملزمة للجميع تهدف إلى الرقي بالإعلام العربي ليكون في مقدمة وسائل الإعلام في العالم، ولكي يكون قادرا على مواجهة كافة الحملات التي تقودها بعض وسائل الإعلام الغربية لتشويه صورة العرب والمسلمين.