أشهد أن الدفاع المدني في جيزان حذر من خطر السيول ونزول الأودية، وقد أكد اللواء حسن القفيلي هذه التحذيرات وأكد أن فرق الدفاع المدني جاهزة لمثل هذه الحالات.

الصور ومقاطع الفيديو لغريقيْ وادي جيزان تظهرهما، في البداية، واقفين متباعدين في السيل الذي لم يتجاوز ركبتيهما، وكانا قريبين من ضفة الوادي على مرأى بعض الواقفين المتفرجين بجوار سيارة الدفاع المدني، ومع ذلك لم يبذل، لا هما ولا الجمهور، أي محاولة للخروج بسلام من الموقف. وكانا أيضا قريبين من "الكوبري" الذي يقف عليه متفرجون آخرون. ويبدو أن طلب طائرة إنقاذ قد خدّر الجميع في انتظارها، لكن السيل لا ينتظر.

ثم تظهرهما الصور وقد اقتربا من بعضهما، ويظهر الفيديو الأخير لحظة تماسكهما وسقوطهما معا لتجرفهما المياه العاتية مسافة 15 كم.

ليس لدى الغريقين، رحمهما الله، أي خبرة بالتعامل مع حالة كالتي واجهتهما، ولم يحسبا للموقف حسابه من البداية. كما أن المتجمهرين ليس لديهم أي خبرة بعمليات الإنقاذ، ولم يقوموا بأي محاولة لذلك. كان الجميع ينتظر طائرة إنقاذ ليست في حسابات السيل، وستصل متأخرة لتبحث عن جثتيهما فقط.

وإذا كان الغريقان والمتجمهرون لا يملكون خبرة ولا فكرة، فما بال سيارة الدفاع المدني وأفراده الذين حضروا مبكرا واكتفوا بالتفرج؟ وأين جاهزيتهم التي تحدث عنها اللواء القفيلي؟

الغريب أن المتجمهرين وأفراد الدفاع المدني أخرجوا سيارة الجيب من السيل وهو يكاد يغطيها، واستطاعوا الوصول إليها، في حين لم يفعلوا ذلك مع الغريقين اللذين كانا في وضع أفضل من سيارتهم.

إذا كنا سنعذر الدفاع المدني في جيزان لعدم امتلاكه طائرة إنقاذ، وإذا كنا سنشهد له بأنه حذر المواطنين، لكن لن نعذره إطلاقا في تدني جاهزية وخبرة أفراده. ولن نعذره في عدم إقامة دورات في المدارس لإرشاد الطلاب كيف يتعاملون في هذه المواقف. ولن نعذر المديرية العامة للدفاع المدني في عدم توفير طائرات إنقاذ لفرعها في جيزان. فهذا واجبها. فلا يوجد سبب واحد لهذا التهاون القاتل. حياتنا ليست رخيصة.