الغرب، الذي يظن البعض أنه مشغول بنا، وأنه يقيم المؤتمرات والاجتماعات والمخططات لتغريب المرأة السعودية، أو لطمس معالم الشريعة الإسلامية.. هذا الغرب وصل قبل أيام إلى المريخ، وهبط مسبار الفضاء "كريوسيتي" على سطح المريخ، وأرسل هذا المسبار بيانات يقدر حجمها بـ 40 ميجابايت تحتوي صوراً عالية الجودة ومقطع فيديو يوضح عملية الهبوط.

قبل أكثر من أربعة عقود، كان العالم على موعد مع إنجاز علمي، وهو الهبوط على سطح القمر وملامسة أقدام كل من (نيل أرمسترونج) و(بز آلدرين) لسطح القمر، وبعد أكثر من 43 عاماً تقريباً، يستطيع العالم مشاهدة صور حية لسطح المريخ، وبعد عام من الآن، سيحاول الفريق العلمي الوصول إلى جبل شارب خلال عام، الجبل الذي يبلغ ارتفاعه قرابة 5.5 كيلومترات.

كل هذه الإنجازات العلمية تسجل لـ"الغرب".. الغرب الذي نرسم عنه الخيالات أنه مشغول بنا فقط، وأنه يحيك المؤامرات ضد شباب المسلمين، هؤلاء الشباب الذين ينضح بعضهم بعنصرية نتنة تجاه أبناء وطنه من المناطق الأخرى، وبعضهم الآخر مشغول بالطائفية، وفئة ثالثة تمارس التفحيط في نهار رمضان ثم تنبري دفاعاً عن "دعاة الغفلة"، وفئات أخرى تمثل واقعاً حقيقياً لمجتمعات ودوائر صغيرة، لكنها تجتمع مع دوائر أخرى لتشكل السواد الأعظم، فنضع اللوم واللائمة في كل انتكاس أخلاقي على أنه من "نتاج الغرب"!

هذا الغرب الذي يسن قوانين ضد التحرش، وحين يقوم أبناء البلد بالمطالبة بسن هذه القوانين، تخرج لك فئة أخرى تقول إن من يطالب بسن قوانين لمنع التحرش إنما هو "تغريبي" يريد إشاعة الفاحشة وشرعنة الاختلاط! هناك طلاب يدرسون علوم الفضاء، وآخرون يدرسون هندسة البترول أو هندسة الطيران، كلهم قادرون على صنع فرق، والتقدم بنا خطوة، لكنهم كانوا وما زالوا في مواجهة صراع التحديث المجتمعي، ونهضة العلم، من فئات غير قادرة على استيعاب التطور التكنولوجي والتقني، فتظن أن كل منتج جديد هو مؤامرة، وبعد فترة نكون أول من نستخدم منتجات الغرب لنشتمهم بها، أو لنمارس العنصرية تجاه بعضنا البعض.