التسوق أحد أبرز أسباب استقطاب السائحين والزائرين لمحافظة الأحساء، وذلك لامتلاكها العديد من الأسواق الشعبية الثابتة والمتنقلة، بجانب المولات والمجمعات التجارية الكبيرة المنتشرة في مدينتي الهفوف والمبرز، والتي تلبي جميع احتياجات السائحين وبأسعار منافسة، وأحد هذه الأسواق الشعبية، هو سوق "القيصرية" الأثري، الذي يقع في حي الكوت وسط المنطقة التاريخية لمدينة الهفوف التابعة للأحساء.

"الوطن" زارت أول من أمس "القيصرية"، واستمعت لاقتراحات الباعة والمتسوقين في السوق، الذين أكدوا، خلال أحاديثهم إلى "الوطن"، أن السوق بحاجة ماسة من الجهات المعنية في أمانة الأحساء والهيئة العامة للسياحة والآثار، والجهات الحكومية والخاصة ذات الاختصاص، إلى استغلاله كموقع تراثي واقتصادي وسياحي بشكل أفضل ليصبح مقصدا للتسوق والترفيه من خلال تنفيذ برامج وفعاليات سياحية وترفيهية.

في البداية، أشار عبدالله البحراني "بائع" أن الوضع الحالي للقيصرية بعد إعادة بنائها، من آثار الحريق الذي تعرضت له قبل نحو 11 عاما، غير مقبول، بسبب بقاء أكثر من نصف دكاكينها مغلقة، بفعل عزوف كثير من الباعة استئجار الدكاكين فيها، لارتفاع أسعار الإيجارات فيها، إذ يصل سعر إيجار بعضها إلى 16 ألف ريال، ففضل الكثير منهم البقاء في السوق البديل "سوق الخضار والفواكه سابقا" إذ أن متوسط سعر إيجار الدكان في حدود الـ4 آلاف ريال، مضيفا أن منظر "القيصرية" ونصفه مغلق تماما وبعض المحلات تفتح لساعات قليلة ومن ثم تغلق أبوابها مبكرا، سببا رئيسيا في انخفاض أعداد المتسوقين، وتشتت الكثير من الزبائن بين "القيصرية" والسوق "البديل"، مبينا أن أمانة الأحساء، بقيادة أمينها المهندس فهد بن محمد الجبير، استجابت مشكورة لمطالب الباعة بتقليص مساحة "الرصيف" الأمامي للسوق، وتحويله إلى مواقف للسيارات، وتوسعة الطريق أمام حركة السيارات، مقترحا على أمانة الأحساء، إلزام أصحاب الدكاكين بافتتاحها، وخفض أسعار الإيجارات، وطرح مزايا تشجيعية لأصحاب الدكاكين الشعبية المتخصصة في المبيعات "التراثية" لضمان استمرارها.

وأضاف علي الحمادة "بائع" أن السوق متكامل، إلا أنه بحاجة إلى تنفيذ مشروع لدورات مياه، إذ أن أقرب دورة مياه تبعد عن السوق 200 متر، لا سيما وأن السوق يرتاده العديد من السائحين القادمين من خارج الأحساء وخارج المملكة، والكثير منهم لا يعرف الوصول إلى مواقع دورات المياه، كما أن السوق بحاجة إلى تكييف الممرات والطرقات، مع ضرورة إعادة ترتيب دكاكين السوق وفق مبيعاتها.

وطالب كل من: حسين النحوي، وناصر الراجح، وفؤاد البطي، وعلي الدقاش، بتقديم برامج ترفيهية وسياحية داخل أروقة السوق، وكذلك الاستفادة من شارع "الحدادين" في تنفيذ العديد من المهرجانات والنشاطات المختلفة، بجانب مشاركة الفرق الاستعراضية، لتجسيد تجربة التسوق والترفيه، وتنفيذ برامج أسبوع المرور واليوم العالمي للدفاع المدني والنشاطات المختلفة التي تنفذها القطاعات الحكومية والخاصة، حتى تكون "القيصرية" على مدار العام في حركة تسوق وترفيه مستمرة، علاوة على تخصيص أركان للصناعات الشعبية والتقليدية والأكلات القديمة التي كانت تشتهر بها الأحساء سابقا. وأضافوا أن تلك الفعاليات من شأنها استقطاب أصحاب الدكاكين لافتتاحها، كما اقترحوا كذلك، تقديم حسومات للزائرين والمتسوقين، بجانب السماح لفتح الدكاكين إلى ساعات متأخرة من الليل "الساعة 12 ليلاً" لتنشيط التسوق الليلي في السوق، مؤكدين أن "القيصرية" هو المكان الأفضل في إبراز المحتوى التراثي والتاريخي للأحساء، خاصة وأن التصميم الهندسي للسوق يعود بالزائر إلى حقب زمنية قديمة، بالإضافة إلى أنه سيكون محفزا اقتصاديا كبيرا لكثير من الأسر الأحسائية.

واقترح كل من ناصر المزهر، وحسن البقشي، وعبدالوهاب القرين، تخصيص أركان في السوق لعدد من الإدارات الحكومية والأهلية للتعريف بخدماتها، وبالأخص الخدمات المتعلقة بالسياحة والترفيه، بمثابة الوسائل الدعائية والتسويقية للأحساء والواحة الزراعية، وذلك باستغلال الإقبال المتزايد الذي يشهده السوق من الزائرين، مؤكدين أن "القيصرية"، يعتبر مكسبا تراثيا وسياحيا للأحساء خاصة والمملكة عامة، نظرا لما تبعثه من أجواء تفوح منها أصالة الماضي، ومشهد متكامل لحياة الأحسائيين قديما، واصفين السوق بـ"التظاهرة الثقافية"-على حد قولهم-، والتي من شأنها الحفاظ على الهوية القديمة للأحساء، وتعريف الأجيال القادمة بها.

وبدوره، قال نائب رئيس مجلس بلدي الأحساء، الناطق الإعلامي للمجلس ناهض بن محمد الجبر إلى "الوطن" أمس إن المجلس، تلقى جملة من الاقتراحات والملاحظات المتعلقة بسوق "القيصرية"، والتي من بينها ارتفاع أسعار إيجارات المحلات، وبعض النواقص في السوق، مؤكدا أن أعضاء المجلس سيزورون خلال الأيام القليلة المقبلة السوق، والوقوف ميدانيا على مطالبات واقتراحات الباعة والمتسوقين، لمناقشتها داخل اجتماعات المجلس، ورفع توصياتها للجهات التنفيذية في أمانة الأحساء لوضع الحلول المناسبة لها.