قبل مدة ليست باليسيرة تلقينا (وعدا) من أمانة الأحساء - إن صحت التسمية - بتغيير خارطة الأحساء، وحملنا هذا الوعد بالطبع على المحمل الحسن وتفاءلنا بالخير، ولم نكن نتوقع أن يتحول تغيير خارطة الأحساء إلى محاولة لتبديل ملامحها، حيث تعيش الأحساء الآن في فوضى شبه عارمة بعد إغلاق الكثير من مساحاتها ووضعها تحت الإصلاح أو التعمير في وقت واحد والقيام بإنشاء الكثير من الأرصفة الكبيرة والممتدة على حساب اتساع الشوارع والمخططات، وبعد استحداث بعض المساحات المزروعة التي يقصد منها تجميل المحافظة. ونحن وإن كنا نثمن جهد الأمانة إلا أننا وبعد مزاحمة الأرصفة للشوارع بشكل كبير بدأنا نشعر بالازدحام بوضوح حتى شبه البعض شوارعنا بشوارع الرياض (في الازدحام طبعا)، فضلا عن الاختناقات المرورية المتكررة ، وزيادة نستشعرها كذلك في الحوادث نتيجة المطبات المستحدثة والتحويلات الكثيرة، فضلا عن معاناة الكثير من سكان هذه المحافظة في مغادرة بيوتهم والعودة إليها، حيث يحتاج الكثير منا إلى ضعف الوقت الذي كان يستغرقه للوصول إلى منزله بعد إغلاق بعض المداخل والمخارج في بعض الأحياء، مما أدخلهم في معضلة لا يمكن الخروج منها.
أما عن كثرة الأرصفة وامتدادها (وأتمنى أن تدخل الأحساء موسوعة جينيس بأكبر رصيف) بل وتحويلها إلى مماشٍ، فلقد أغرت الشباب الذي يفتقد وما زال إلى أماكن ترفيهية خاصة به من ملاعب ونوادٍ ومقاهٍ، أغرتهم بتحويل هذه الأرصفة إلى جلسات شبابية كثيرة مزروعة في أغلب الشوارع، يجتمعون فيها بعد صلاة العشاء وحتى وقت متأخر من الليل على البلوت والمعسل والموسيقى والغناء أحيانا. ويستطيع زائر الأحساء في هذه الأيام المرور على أحد هذه الشوارع بعد الثانية عشرة أو الواحدة ليلا ليشاهد بأم عينه ماذا يحدث هناك. وبالطبع لا تستطيع الفتيات، والحال هذه، ممارسة رياضة المشي إن أردن، إلا أن يفكرن في استثمار وقت الظهيرة. أما المساحات الزراعية المكشوفة والدوارات الضخمة المزروعة فهي مناسبة جدا للكثير من الوافدين هم وأسرهم الذين لا يجدون حرجا في الجلوس مع نسائهم في مثل هذه الأماكن وتناول الوجبات والمشروبات متجاهلين المارة، ولا يقبل السعودي بهذا الوضع أبدا.
أتمنى ألا ينسى المسؤولون في الأمانة أن الأحساء هي الأحسائيون، فلا يمكن تجاهل البشر في سبيل السرعة في البناء والتعمير من أجل الإنجاز فقط، غاضين الطرف عن أهمية الخطط الزمنية أيضا في إنجاز أي عمل، بل يجب وضع راحة المواطنين على قائمة الأولويات، فالتطويرات والميزانيات الضخمة التي تقدمها حكومة بلادي بسخاء إنما تهدف منها إلى رخاء المواطن وراحته، لا إلى زرع معاناة حي بأكمله على ناصية شارع مرصوف.