أحد عشر مؤتمر قمة إسلامي عقد حتى الآن؛ بدأت المؤتمرات بالمملكة المغربية قبل نحو نصف قرن، وتحديداً في عام 1389/1969 بُعيد حريق الأقصى الشريف، ونوقش آنذاك أمر الدفاع عن عز وشرف المسلمين المتمثل في القدس الشريف. وقبل أربع سنوات انتظم عقد آخر القمم في جمهورية السنغال، ونرتقب قمتين مجدولتين قادمتين في مصر، وإندونيسيا بحول الله. أما القمم الإسلامية الاستثنائية الطارئة فقد عقدت منها ثلاث؛ الأولى في باكستان، والثانية في قطر، والثالثة في رحاب مكة المكرمة قبل سبع سنوات.
مقالي ليس للرصد، ولكنه للأماني؛ فلا مسلم ـ أو غير مسلم ـ إلا وينظر للقمة الاستثنائية الرابعة التي دعا لعقدها الملك الموفق خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ باعتبارها من أهم أو أهم أسباب النجاة مما يحيط بالأمة هنا وهناك.
بعد 3 أيام من الآن، وفي أشرف الليالي، وأطهر الأماكن سيجلس قادة الأمة الإسلامية وكلهم إدراك إلى أن القوة في الإيمان بالله القوي، وأن توحد شعوبهم من توحدهم، وأن أممهم عانت بما فيه الكفاية من سفك الدماء، والتضليل، والتكفير، وأن الحل في تسامحهم قبل تسامح رعاياهم، وأن الاعتدال والوسطية لا بد من تحقيقهما، أما الظلم والقهر، والعوز والفقر، والاستهلاك والجهل فلا يكفي الاستعاذة منها، بل لا بد من القضاء عليها، وإلا فالمصير المؤخرة، و"كلكم راع؛ فمسؤول عن رعيته" ـ والفاء هنا للترتيب والتعقيب. وفي مثل هذا الحديث الشريف، جاء عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال: "رأيت عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ على قتب يعدو، فقلت: يا أمير المؤمنين أين تذهب؟" قال: "بعير نَدَّ من إبل الصدقة أطلبه"، فقلت: "لقد أذللت الخلفاء بعدك"، فقال: "يا أبا الحسن لا تلمني، فوالذي بعث محمداً بالنبوة لو أن عناقاً أخذت بشاطئ الفرات لأُخذ بها عمر يوم القيامة".
أيها الملوك والرؤساء والأمراء، ومن باب: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ} أذكر الجميع بأن المفاهيم تغيرت، والقيم اختلطت، والجهل عمَّ، والأمراض زادت، والظلم انتشر، والبيئة تدهورت، والتحديات كبيرة.. وعليكم إخراج الأمة من هذا وغيره، والانتهاض بالناس في كل المجالات، وأخص بالذكر المجالات الفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، خاصة أن التهديدات الداخلية والخارجية في ازدياد، والمآزق لا تخفى.
أيها الملوك والرؤساء والأمراء أنتم مطالبون بإصلاح شأن الأمة، وطريق ذلك اتفاقكم جميعاً على التصدي بحزم وعزم للفتانين والمنحرفين والضالين؛ الذين لا همَّ لهم إلا إشاعة الكراهية والفوضى والجهل وإراقة الدماء، وعدم بث الوئام والتحضر بالحضارة الإسلامية القائمة على الحوار والبِر وغيرهما من القيم الخالدة والنابذة للتطرف والغلو والعنف.
أيها الملوك والرؤساء والأمراء تعاونوا اقتصادياَ، تكافلوا اجتماعياً، استفيدوا من إيجابيات العولمة، اقضوا على الأمية، استأصلوا الأمراض، كافحوا الفقر، تعاملوا مع التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية بما يحفظ لنا قيمنا ومصالحنا الإسلامية.. نسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ في هذه الليالي القدرية أن يهيئ لكم من أمركم رشداً، وأن يكلل مؤتمركم بالتوفيق، وأن يبارك في من دعاكم، ويمده بالحفظ والرعاية.. {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.