يقول خبير التسويق الرياضي فيكتور ماذيسون بأن الصين وأميركا مثالان واضحان لحقيقة ترابط العلاقة بين القدرة المالية والكثافة السكانية في تحقيق الذهب الأولمبي، ويؤكد أنه كلما زادت الموارد المالية وتوفر البشر زادت القدرة على تحقيق التميز الرياضي.

بالنسبة لي فإن مشاركة المرأة السعودية في الأولمبياد هذا العام لم تكن إنجازا بالمفهوم الرياضي بل هي تطور اجتماعي وخطوة مهمة في مسيرة دعم حقوق المرأة في المشاركة في بناء الوطن وتحقيق تميزه، إضافة لكونها وسيلة علاقات عامة جيدة، أرسل من خلالها رسالة للعالم بأننا دولة لا نميز ضد المرأة بل ندعم مشاركتها وحقوقها الإنسانية.

بالمقابل ولفهم كيف تصنع الدول الأبطال يجب أن نعي ما يقومون به، فالصين مثلا تستثمر في كل بطل 1.6 مليون دولار وأستراليا تستثمر 15 مليون دولار، في وقت رصدت الدول جوائز لأبطالها الذهبيين تفاوتت بين أميركا التي تمنح كل فائز بميدالية ذهبية 25 ألف دولار والصين التي تمنح 31500 ألف وفرنسا التي تكافئ كل بطل ذهبي بـ62 ألفا وإيطاليا التي تجاوزت الجميع بمنحها أي بطل ذهبي182500 ألف دولار.

قبل الأولمبياد الماضية في بكين قام الصينيون بإطلاق مشروع أسموه (مشروع 119) استثمر فيه الملايين في رياضات مختلفة وذلك لتحقيق 119 ميدالية هي عدد الميداليات الإجمالي لجميع الرياضات التي كانت ستشارك فيها الصين في تلك الدورة، كما أنهم خلقوا نظام تأهيل قاسيا ولكنه ناجح لأبطال المستقبل، حيث يقومون بعزل الأطفال الذين تظهر فيهم بوادر التميز الرياضي وإدخالهم في معسكرات تدريب احترافية لسنوات ينام ويفيق فيها الطفل وأمامه ثلاثة أهداف رئيسة في حياته هي: تحقيق ميدالية ذهبية، والوقوف شامخا أمام العلم الصيني أثناء عزف السلام الوطني لبلاده، وهزيمة المنافس الأكبر "أميركا".

الأولمبياد وكأس العالم والمؤتمرات والمهرجانات ليست فقط مناسبات رياضية وتسويقية وسياسية ومهنية، بل هي منصات عالمية من خلالها تظهر الدول تميزها ومركزها بين الأمم، والمناسبات الرياضية الكبرى هي أحد أهم الفعاليات التي يمكن من خلالها الترويج للدول المشاركة كصانعة أبطال وكأمة خيرها في أبنائها، فالدولة الصغيرة "جرينادا" ذات الـ101 ألف نسمة التي حققت ميدالية ذهبية هذا العام استطاعت تحقيق ما عجزت عنه السعودية لعقود.

تحقيق ميدالية فضية أو برونزية ليس إنجازا بالمفهوم الرياضي العالمي لأن التاريخ يتذكر فقط الذهب، وهذه حقيقة يجب ألا نتوه عنها كثيرا، والنظر للحياة من خلال مقولة (القناعة كنز لا يفنى) هو تأصيل الرضى بمحدوديتنا وتحقير لقيمة التميز عبر الانتصار وتحقيق الأسبقية وهي الأسس التي بها تتفوق الأمم وتخطو نحو الريادة العالمية.