ربما يكون الأخضر الإبراهيمي الذي طرح اسمه كخليفة للموفد العربي والدولي في الأزمة السورية كوفي عنان، المثل الأبرز على عدم تقاعد السياسي المحترف، فكلما تعقدت الأمور، كانت الحاجة لمثل هؤلاء الرجال تزداد.
هل ستكون سورية المحطة الأخيرة في طريق الدبلوماسي الجزائري المخضرم الذي ذرع العواصم روحة وجيئة، وعرض نفسه للمخاطر؟
الإبراهيمي استطاع أن ينجح في الكثير من المحطات، وعندما فشل، خرجت القضايا التي ساهم، أو حاول المساهمة في حلها، بأقل الخسائر.
في عز الحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي، كان الأخضر الإبراهيمي حاضرا متنقلا بين المناطق المقفلة، وعلى حواجز القتل والذبح على الهوية، والقذائف المتساقطة بدون هدف. لم يبال، ولم يكل، ولكن حرب الآخرين على أرض لبنان كانت أقوى.
مفهوم "حرب الآخرين على أرض لبنان" أطلقه الصحفي اللبناني الكبير غسان تويني، وهو كالسياسي المحترف لم يتقاعد إلا بعد أن أدركه الموت قبل عدة أشهر، وهو يشرف ويوجه الزملاء في أكبر صحيفة لبنانية.
لا نتمنى للأخضر الإبراهيمي الفشل إذا ما خلف عنان، وبالطبع ندعو له بطول العمر، ليكمل مسيرة وساطاته التي لم تطل دولا عربية فقط، وإنما امتدت إلى أكثر من قارة، وأكثر من بؤرة صراع.