لئن تفوق الغرب في التجارة والاقتصاد والصناعة وحقق نجاحاً مشهوداً فقد انحدر خلقياً وتردى اجتماعياً فأصبح مجتمعاً يأكل قويه ضعيفه، وتهدر فيه القيم والأخلاق والمثل، ولا ترى فيه للدين مكاناً أو دوراً إلا بين جدران المعابد.

والناظر في حياة الفرد والمجتمع هناك لا يرى أثراً للحياء والفضيلة والعفاف، وتلك مفردات لا يعرفها صغير ولا كبير في تلك المجتمعات إلا الأقليات المسلمة فقط! وليس هناك حاجة لإيراد الأدلة على ما ذكرناه هنا، فالإعلام لم يترك من ذلك شاردة ولا واردة، والمصلحون هناك علت أصواتهم مستغيثة تنادي بالتغيير، وتمتدح ما عليه المسلمون من مستوى أخلاقي ممتاز.

ومن ذهب إلى أي بلد شرقي أو غربي غير مسلم سيرى بعينيه ما يندى له الجبين ويثير الألم والعجب، وسيرى أن لا حاكم لمعاملات القوم ولا هدف لهم ولا تقديس إلا لشيء واحد فقط، تسويق الحرية الفردية على حساب القيم، من أجلها يبيعون ويشترون، ومن أجلها فقط يحاربون ويقتلون ويسالمون!

وتلك حال وصفها عقلاؤهم بأدق وأصدق مما نكتبه نحن وكان من أقوالهم (إن الحضارة الغربية تنهار من حيث تعتقد أنها تتقدم، وتنتكس اجتماعياً وسلوكياً مما سيهدم اقتصادها وقوتها السياسية وأمارات ذلك شواهده ظاهرة للعيان)!

وفي صفحة واحدة من صحيفة يومية قرأت هذه الأخبار التي هي شواهد لما ذكرته أعلاه:

ـ السجن 9 سنوات لأميركية مارست الفاحشة مع ابنها، وهذه قد تخلت عن ابنها وعمره بضعة أيام وتبنته عائلة أخرى وكانت تتصل به باستمرار حتى بلغ عمره أربع عشرة سنة ثم لقيته ومارست معه الفاحشة.

ـ ليندسي لوهان تخاف من الوحدة في السجن: وفي التفاصيل أن هذه المرأة النجمة تعيش حالة من الذعر بعدما حكم عليها بالسجن 90 يوماً.. وقد طلبت أن يرافقها في السجن أحد (أصدقائها)!

ـ رسام يقتل مئتي ألف نملة من أجل إعداد لوحة فنية!

ـ أسترالي يمتطي ظهر تمساح طوله خمسة أمتار.. ثم نجا بعد أن عضه التمساح في ساقه وكاد يقضي عليه!

إن قارئ الأخبار الأربعة وكل واحد منها يتكرر مئات المرات يومياً، يخرج بأسئلة من أهمها:

ـ أين ما يسمونه (حقوق الإنسان)، وماذا يعني نظام التبني للأطفال، وماذا يعني نظام الصداقات بين الرجال والنساء وما معطياته وكم عدد الأبناء غير الشرعيين الذين تنتجهم الصداقات؟

ـ تقدمت الدول الغربية في صناعة المخدرات وإنتاجها فهل سلموا من مخاطرها وما جنت عليهم وعلى العالم.. فالمرأة تقود السيارة وهي تحت تأثير المخدرات، ويتكرر منها ذلك، ولا رادع من دين أو خلق و(تحرر) المرأة هو السبب؟

ـ الرفق بالحيوان ومستشفيات الكلاب والقطط معالم بارزة في تلك الدول.. ثم نجد من يقتل مائتي ألف نملة لكي يصنع لوحة فنية، أي تناقض هذا؟!

لا أظن أن ما أشير إليه هنا هو أسوا ما عند أولئك الأقوام، ولا أظن أنه لا يحصل ما يشبهه في بلاد المسلمين.. ولكني أجزم أن الحياة الغربية حياة بلا نظام أخلاقي!

ألا ما أجلّ دين الإسلام الذي يحمي عقل الإنسان ودمه وماله وعرضه، ما أجمل ديننا إذ يبني الحياة على قيم وأخلاق عليا يأمن فيها الإنسان على نفسه وماله ودينه وخلقه، بل وتضمن للمخلومات جميعها حماية من ظلم الظالمين وعدوان المعتدين. ما أروع أخلاق الإسلام وهي تبني الحياة الاجتماعية على أسس قوية راسخة تعنى بالمادة والروح وتهتم بالأمور المادية والمعنوية وبالفرد والمجتمع، ولا تجعل الشهوات هي الحكم فيما يأتي الإنسان ويذر.. وتقول لنا تعاليم الإسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).. أما المرأة فإنها في الإسلام مخلوق له كرامة توصله إلى جنة الله ورضوانه، حينما تحمي عرضها وعقلها، ويُنظر إليها على أنها شريك الرجل في بناء الأسرة القوية المستقلة الآمنة..

هذه معالم بارزة من ثقافة الحضارة عند المسلمين وعند غيرهم!


عبدالعزيز صالح العسكر

عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية