هناك فرق بين عرب يعملون كي تأكل بطونهم ويسجلون أطباق "مأكولاتهم" كأكبر طبق "حمص" وأكبر طبق "صيادية " وطبق "طعمية" وطبق "شوربة" وطبق "بقلاوة" وغيرها في موسوعة جينس كمنجزات يتباهون بها، وبين أناس تعمل دون كلل ولا ملل لتسجل منجزات علمية، أناس تُفكر وتبذل الجهد والمال، ويدعمها السياسيون مهما تغيروا عبر السنوات، فالمشاريع مؤسساتية وليست فردية! ولا تنتهي بانتهاء ولاية من يعتلي الكرسي، ليأتي من ينهيها بجرة قلم "باهظ الثمن"، وتبقى المشاريع حبرا على ورق..!

هؤلاء أصحاب قلوب تُخلص في العمل كي تعطي من حولها وبعدها أهمية، فهم لا يعملون ليورثوا أبناءهم، بل ليورث العلماء في وطنهم المعرفة ممن سيأتي بعدهم، وحين انتهوا من الأرض واطمأنوا بما لهم فيها، فكروا بما يوحي لهم الخيال مما بقي في أذهان العرب مجرد "كرتون جريندايزر " للأطفال عن غزو الفضاء! وسعى بهم خيالهم مؤخرا لسؤال ولغز ما إذا كان المريخ قادرا على استضافة حياة أو كان في الماضي قد استضاف حياة أخرى؟! مجرد أسئلة لو خطرت في عقل "عربي" لأسكته العرب بـ"أنت مخرف"!" ثم يجعلون منه مادة كوميدية تُنتج بالملايين يُضحكون الناس عليها! فيما هؤلاء يدفعون مقابلها المليارات لمجرد أفكار، فما بالكم بمشاريعها، كي يجدوا حلولا لهذه الألغاز، والله تعالى مع الذين يعملون أيا كان دينهم أو عرقهم، لا مع المتواكلين ممن يدعونه صباح مساء دون عمل ولا إخلاص!

مشاريع هؤلاء الفضائية ستسهل عليهم عملية امتلاك الفضاء مستقبلا، ليتركوا الأرض للفقراء ممن يتصارعون على كعكة "السلطة " في حضن "الديموقراعشوائية" التي لم يبارحوها بظلّ تسيس الدين ومذهبية الطائفة، دافعين لأجلها دماء الأبرياء وعقولهم ممن كان ممكنا استثمارها. إنهم يصعدون إلى المريخ بمركبة فضائية كلفت فقط " ملياري دولار ونصف"، هي لا شيء في أرصدة بعض مليارديرات أغنياء العالم من العرب.. هي المركبة الأكثر تعقيدا، كما ترى وكالة ناسا، واليوم ترسل رسائل تستغرق 14 دقيقة فقط لتصل إلى خبراء يتحكمون بها على مسافة 567 مليون كيلومتر عبر الفضاء! هل تتخيلون ذلك؟! رسالة من المريخ إلى الأرض في 14 دقيقة عبر مسافات ضوئية شمسية!

حين كنتُ أقرأ الخبر، تذكرتُ زيارتي لمتحف الفضاء في واشنطن الممتلئ بحكايات المركبات الفضائية، وتذكرت العرض السينمائي بذات المتحف عن زيارة الإنسان الأميركي للقمر، وكيف كان موجها للطفل الأميركي، تحريضا له كي يكمل الحلم ببناء مستعمرة فضائية يعيش فيها يوما ما! فيما ما يزال لدينا أناس "عيني عليهم باردة" دون عمل ولا جهد ولا إخلاص! ويظنون أنهم بذلك قد يصعدون يوما إلى المريخ!! ربما يحققون هذا بـ"وانيت" لم يخترعوه بعد!! وربما خلال نسخة كرتونية جديدة لـ "جريندايزر"!! ربما!