ماذا لو كان العالم ليس مشغولاً بنا كما خيّل إلينا، وأنه يمارس يومه ونحن بآخر جدول اهتماماته، وينام على مشاكله ليصحو سعياً في حلها؟ بمعنى أن (ستيف) لن يلتقي (مارك) ليهمس له بخبث: "هناك قومٌ علينا أن نشتغل عليهم.. نحن مهووسون بتخريبهم".. أي عذر سوف نعلق عليه خيباتنا بعد ذلك؟ كيف سنقنع أحدهم بـ: "نحن سيئون لأن أحداً ما بالعالم الآخر جعلنا كذلك، ولولاه لكنا أشياء لا يمكن وصف مدى روعتها.. تحفا إنسانية ثمينة تمشي على الأرض.. لكننا مستهدفون من الأشرار"؟ هل سيتقاعد الصحفي العربي الذي سفك جل وقته بالتقصي عما يقوله الغرب عنا، والكف عن مطاردة الرجال الذاهبين لدواماتهم وهو يسألهم: "رأيك إيه بالعالم العربي"؟ قبل أن يجيبه ذلك الكادح وهو يهرول: "كف عن ملاحقتي، لدي لقمة عيش أسعى لها، قلت لك العالم العربي..لا أعلم، الله يستر عليهم".. لسنا بحالنا هذه غنيمة للشعوب، ولا خبراً يتصدر أحاديثهم، ثم يبتعثون أولادهم لدينا بسبب تفوقنا رغم كرههم لنا، لسنا شيئاً من ذلك كله.. إن نحن تخلينا عن ذلك الوهم فستصبح الشماعات أقل، وسنجد أنفسنا وجهاً لوجه مع الواقع.

ستنتهي المؤامرات وستبدأ الحقائق التي نهرب عنها بالظهور، بمعنى آخر مجموعة في قولك: سنتورط.. حينها سنستعين بالأشرار أنفسهم لفك ذلك التورط، لأن ثقتنا عميقة فيهم، وبأن ما حدث تجاههم كان غلطة سنحاول إصلاحها بمساعدتهم أيضاً!

الثقافات التي ترى الآخرين أعداء، ومتحفزين لإلحاق الضرر بها إنما هي بذلك تحاول سد نقص فيها، والمبالغة بأننا قوم عاجزون بسبب من لا يحبنا هي العجز بعينه.