انتهى شهر رمضان المبارك وغادر وسيغادر بقية زوار بيت الله مصلين ومعتمرين من داخل وخارج المملكة، يتجاوز عددهم العشرين مليون زائر للكعبة المشرفة خلال شهر رمضان، منهم ستة ملايين معتمر قدموا من خارج المملكة، والبقية من داخل وخارج منطقة مكة المكرمة سعوديين ومقيمين يؤدون مناسكهم وصلاتهم على قدر الفترة الزمنية المتاحة لهم ثم يغادرون وهم على ذكرى عطرة لبيت الله والقائمين عليه.

والحقيقة التي لا بد لي أن أسجلها ونحن قد أتممنا شهر رمضان المبارك، أننا جميعا معتمرين ومصلين في الحرمين الشريفين لا نعلم حجم العمل العظيم الذي تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية في رعاية الحرمين الشريفين ورعاية زواره، وعلى وجه الخصوص الدور المتميز الذي تقوم به إمارة منطقة مكة المكرمة والأجهزة التابعة لها لخدمة المسلمين في شهر رمضان المبارك.

نعم نغادر مكة المكرمة والمدينة المنورة ولا نعلم حجم ذلك العمل الجبار الذي يبذل من رجال الأمن لحفظ الأمن والسلامة لزوار بيت الله وسط ملايين من المسلمين من ذوي الثقافات المختلفة والقادمين من مجتمعات متعددة، لا نعلم حجم ذلك العمل المبدع الذي تقوم به رئاسة الحرمين الشريفين لإدارة وخدمة الحرم المكي والمسجد النبوي، ولا نعلم حجم الجهد الكبير الذي تبذله أمانة العاصمة المقدسة (مكة المكرمة) للحفاظ على مستوى النظافة حول الحرم وفي أنحاء مكة المكرمة بعد كل صلاة يصليها الملايين في الحرم الشريف وعند صلاة المغرب وبعد إفطار الصائمين.

ولا نعلم حجم الجهود الجبارة المبذولة من رجال المرور لضمان سير المرور منذ الوصول إلى مكة المكرمة حتى الخروج منها، ولا نعلم حجم الاستعدادات الصحية المتوفرة للطوارئ ولحماية زوار الحرم الشريف لأداء العمرة بشهر رمضان، ولا نعلم حجم الجهود المبذولة من رجال الدفاع المدني الذين يحرصون على ضمان سلامة الأرواح من الكوارث والأزمات، ولا نعلم حجم الجهود المبذولة من القائمين على صيانة وتشغيل الحرم الشريف من تكييف ونظافة داخل الحرم وإضاءة وصوت وغيرها من الأعمال اللوجستيكية.

كما لا يفوتني أن أذكر الدور الإنساني الرائع الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإرشاد والتوعية والحفاظ على سلوكيات التعامل الإسلامي.

نعم لن ننسى المتابعة اليومية وعلى مدار الساعة لأمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي استطاع بجدارة أن ينجح في إدارة وتنظيم وتطوير الخدمات المقدمة لزوار بيت الله الحرام، وأن يجعل الإنسان المسلم هو الأساس، ولن ينسى العالم الإسلامي الجهود العملاقة التي تبذلها وزارة الحج المعنية بالحج والعمرة والتي استطاعت أن تعمل على تطوير وتسهيل الحصول على الخدمات بما يخفف المعاناة عن حجاج بيت الله والمعتمرين، ويشهد لهذه الوزارة دورها المتميز في تطوير شركات خدمات العمرة والحج، وضبط المراقبة والمتابعة عليها، وتنظيم تأشيرات العمرة حتى أصبحت وزارة الحج وزارة متقدمة تقنيا، ويعود الفضل لرجالها المتميزين وعلى رأسهم الوزير الرشيد صاحب الفكر المتميز معالي الدكتور بندر الحجار.

وأخيرا ونحن نودع شهر رمضان الكريم مهنئين العالم الإسلامي بعيد الفطر المبارك أجدها مناسبة لنقدم جميعنا نحن المسلمين الشكر والتقدير لقيادة المملكة العربية السعودية التي أولت الحرمين الشريفين جل جهودها ورصدت أكبر الميزانيات المالية، وحشدت أفضل وأكبر الكفاءات البشرية لخدمة الحرمين الشريفين وحرصت ـ وما زالت تحرص ـ على تطوير الخدمات للمسلمين متطلعين أن تكون التوسعات القادمة حول الحرم المكي من الواجهة الجنوبية، لتوفير مزيد من الساحات للمصلين، وقصر البناء على الجبال لمساكن زوار بيت الله من ذوي الدخل المحدود، وضبط أسعار الفنادق وأسعار تأجير المحلات التجارية حول الحرم، التي ألحقت ضررا على المسلمين.. حيث أثر ارتفاع أسعار تأجيرها على زيادة أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية لزوار الحرم المكي من المعتمرين والمصلين في رمضان والحج وبقية أيام العام.

وأخيرا أقترح أن يعد فيلم وثائقي مفند بالأرقام والإحصائيات بجميع اللغات؛ يصور وبدقة الخدمات التي تقدمها الحكومة السعودية لحجاج ومعتمري بيت الله، ليتعرف العالم الإسلامي على حجم هذه الجهود مع المقارنة بما كان يقدم قبل نصف قرن وما يقدم اليوم، وهي ليست منة على العالم الإسلامي لأن هذا واجب على القيادة السعودية وهي راعية الحرمين الشريفين وإنما الهدف منه أن يتعرف المسلمون على الجهود العظيمة التي تبذل لخدمتهم لإتمام مناسكهم، ومن أهم النجاحات التي تسجل للحكومة السعودية هي قدرتها وتميزها في إدارة الحشود البشرية بعدد الملايين المتمركزة داخل مساحة محدودة وفي أوقات معينة، هذه الملايين البشرية بمختلف ثقافاتها، بعضها بأعمار متقدمة مع ضمان أمنها وسلامتها، نعم هي الحماية الإلهية لعباده، يسخر الله سبحانه وتعالى عبادا لخدمة عباده المسلمين.