كل عام وأنتم بخير وعيد مبارك يحمل في عامه هذا بشائر التغيير التي مرت بالعالم العربي، وغيرت أنظمته الفاسدة بقيادات شابة ومنتخبة اختارها الشارع العربي مؤملاً أن يتم استئصال الفساد الذي توالد وانتشر كالمرض العضال، ها قد انقضى رمضان المبارك.. شهر التزود بالتقوى، ونسأل الله أن يكون تزودنا واجتهادنا وتعبدنا في هذا الشهر الكريم مقبولاً عنده.. كما نسأله أن يمنحنا الطاقة لنكون أخياراً وأبراراً معظم أيام السنة، فقد جاء رمضان ليكون بمثابة ورشة عمل أو دورة لتهذيب السلوك، ونفترض أن نتـخرج مـن هذه الدورة لـنوالي تطـبيق ما تدربـنا علـيه خـلال رمضان في الـشهور التـالية.

لقد زودنا شهر رمضان بشحنة إيمانية كبيرة تجلت خلالها أعمال التكافل الاجتماعي والتعاضد الأخوي والتعاطف الإنساني مع الفقراء والمساكين والمعوزين من الأرامل والأيتام وكل المحتاجين من إخواننا المسلمين في الداخل والخارج، على نحو عزز من اللحمة والتواشج بين المسلمين، ونتطلع أن تستمر جذوة الأعمال الخيرية والإنسانية متوهجة في نفوسنا خلال أيام السنة.. فالمحتاجون من كل الفئات يتطلعون للمدد المادي والمعنوي بشكل دائم، وعدم الاقتصار في تقديم الصدقات والزكوات في رمضان فقط رغم عظم الأجر فيه.

يكتب الكاتب رأيه في المقالة المنشورة ثم يتطلع للصدى الذي تخلفه في نفس المتلقي، وبحجم ما يرد للكاتب من اختلاف واتفاق وأخذ ورد وقصر ومد، فإن الكاتب يتشجع ويتحفز للاستمرار في الكتابة أو يقصر دونها، ولهذا فإنها فرصة لي في هذه المقالة للتعقيب على بعض ما وردني من تصحيح وتعزيز عقب نشر مقالتي بعنوان: "بيت العرب الكبير.. كلهم مروا من هنا":

فقد تحدثت على إثر زيارة الرئيس المصري محمد مرسي للمملكة عن وجود الطبيب أحمد وهو ابن الرئيس مرسي في منطقة الأحساء، حيث يعمل في أحد مستشفياتها الخاصة، ثم انتقلت للإشارة إلى كون المملكة محضنا لكثير من الإخوة العرب والمسلمين، وأنها كانت ـ وما زالت ـ جامعة تخرج منها العديد من الوزراء والرؤساء الذين يتولون أعلى المناصب في بلادهم بعد أن يكونوا قد عملوا أو درسوا في المملكة، كما أشرت إلى كون المملكة ملاذاً لكثير من القادة والحكام الذين كانت السعودية تستضيفهم حقناً للدماء ووأداً للفتنة في تلك الدول.. وذكرت أنها قد فعلت ذلك مع عائلة حميد الدين في اليمن، وعبدالرحمن عارف في العراق، وعيدي أمين من أوغندا وغيرهم من وزراء ورؤساء من سورية والعراق ولبنان.. والحال كذلك مع العديد من الإخوان المسلمين الذين كانوا يعانون من الاضطهاد في بلادهم. وقد تفضل الأستاذ الوجيه إدريس الناصر معقباً فور نشر المقال لافتاً نظري إلى إغفالي للعديد من أسماء القادة والرؤساء والمفكرين الذين صارت المملكة وطنهم الأول بعد وطنهم السابق، وذكر الأستاذ إدريس الناصر قصة رشيد عالي الكيلاني الذي ثار على الاستعمار الإنجليزي وهرب بعد أن صدر بحقه حكم الإعدام ولجأ إلى المملكة، فما كان للإنجليز إلا أن طلبوا من الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ تسليمه لهم، لكن الملك عبدالعزيز رفض الانصياع لطلبهم وأمعن في تعجيز الإنجليز عندما عرض أمام إلحاح المندوب السامي الذي كان في حضرته أن يأخذ أحد أبنائه الموجودين حينها في مجلسه وهم الأمراء: فيصل ومحمد ومنصور، وقد غادر المندوب الإنجليزي يجر أذيال الحسرة بعد أن عاد خالي الوفاض أمام هذا الموقف العروبي النبيل للملك عبد العزيز، رحمه الله.

أيضاً فقد ذكرني الأستاذ إدريس الناصر بقائمة أسماء الذين لجأوا للمملكة ومنهم السيد حسين العويني رئيس وزراء لبنان، وكذلك نجيب صالحه رجل الأعمال الذي كان يدا يمنى للوزراء عبد الله السليمان، وهناك أيضاً الأستاذ الخبير معروف الدواليبي، وكذلك رشيد الكخيا ومدحت شيخ الأرض وقائمة تطول ولا تنتهي من الإخوة والأشقاء الذين أقاموا واستقروا وأصبحوا مواطنين وخدموا هذه البلاد في بداية صعودها سلالم النماء والتطور قبل ستة عقود.

وفي مقالي الآخر: "ونعوذ بك من وعثاء السفارات" استشهدت وعددت جمعا من أسماء السفراء الذين ذكرهم الناس بخير وبقيت سيرتهم عطرة على ألسنة المواطنين عندما أبلوا بلاء حسناً في خدمة رعايا المملكة عندما تعوزهم الحاجة للسفر إلى الخارج، وقد وردني الكثير من التعقيبات التي تنبهني وتذكرني بعدد من السفراء الإيجابيين وهم ما زالوا على رأس العمل.. والواقع أنني في مقالي هذا قد تعمدت الإشارة إلى السفراء الذين غادروا دنيانا، فكان من الوفاء ذكر بعض مناقبهم ولم أستشهد بأي سفير ما زال على رأس العمل حتى لا أقع في حرج نسيان بعض الأسماء، رغم يقيني بأن سفراءنا الإيجابيين يمكن حصرهم وعدهم على أصابع اليدين، لكنني مع ذلك تجنبت هذا الإيراد واكتفيت بضرب الأمثلة على المشهورين من سفراء المملكة الذين يمتن لهم الناس ويذكرونهم بالخير كلما جاء ذكر السفر ووعثائه.