لم ينفك الهم العربي من السياسة الخارجية للمملكة منذ تأسيسها مع بدايات الدولة وصولا إلى الوقت الحالي، وحتى في مرحلة ما بعد "الربيع العربي" ظل ذلك الهم ملازما لقيادتها بل يأتي على سلم أولوياتها.
أنظمة عربية رحلت وأخرى تنتظر، والمسؤولية الأخلاقية للمملكة تجاه الدول العربية لا تزال ثابتة دون تغيير، رغم محاولات البعض الرامية إلى دق أسفين الخلافات بينها وشقيقاتها من الدول العربية على بعض الملفات الهامشية والتي لا تقابل من حكومة الرياض إلا بمزيد من السمو والعلو، تغليبا للمصلحة العربية العليا على المصالح الضيقة التي تحاول ضرب الأمة العربية وإصابتها في مقتل.
ويحسب للمملكة أسبقيتها الدائمة والمستمرة في مساعدة الشعوب العربية، حيث مبادرة الإغاثة تسبق على الدوام نداء الاستغاثة.
من مصر كانت البداية، فحينما تعرض الاقتصاد المصري إلى أسوأ هزة في تاريخه نتيجة الاحتجاجات التي نجمت عن ثورة 25 يناير، بادرت المملكة بدعم اقتصاد مصر بمبلغ 4 مليارات دولار على شكل قروض ميسرة وودائع ومنح.
أما في الشأن اليمني، فغني عن القول بأن المملكة تعتبر الدولة الأولى الداعمة لاقتصاد صنعاء، مدفوعة بكثير من الخطوات التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، بفتح السوق السعودية أمام العمالة اليمنية لمساعدتهم في التخفيف من قسوة البطالة، التي يرزح الشباب هناك تحت وطأتها، يضاف إليها الوضع الأمني غير المستقر الذي تعيشه مدن ومحافظات اليمن.
وعندما اشتدت قسوة الشتاء على أهالي تونس، جاءت الأوامر بتسيير جسر إغاثي جوي، لتزويد المتضررين هناك بما يحتاجونه من أدوات ومساعدات تقيهم "الزمهرير"، حيث لا يزال الجسر متواصلا في تسيير رحلاته إلى أرض قرطاج.
ولم تتوقف المساعدات السعودية عند دول الربيع العربي التي تجاوزت حالة عدم الاستقرار التي تعيشها، بل تعدتها وصولا إلى بلاد الشام حيث لا تزال آلة القتل العسكرية تمعن في قتل المدنيين رغم كل الدعوات "المبكرة" التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في رمضان الماضي لنظام بشار الأسد بضرورة إيقاف العمل العسكري والانخراط في تنفيذ إصلاحات جديدة تحقق تطلعات الشعب السوري. وحينما لم يكن هناك أذن صاغية انتقلت المملكة من خانة الأقوال إلى الأفعال في مداواة ما خلفته الحرب الشعواء على الشعب الأعزل من أضرار عبر تقديم الخدمات العلاجية اللازمة للاجئين السوريين في كل من الأردن وتركيا.