التفت سورية على خطة الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية لسورية كوفي عنان، عبر مطالبتها بضمانات مكتوبة من المسلحين مقابل بدء سحب قواتها من المدن اليوم، تنفيذا لما تعهدت به.

وبرر النظام التملص من وعوده والالتفاف على خطة عنان، بمزاعم أن الأخير لم يقدم له ضمانات مكتوبة من الجماعات المسلحة بوقف النار قبل سحب قواته من المدن، وأيضا ضمانات بالتزام حكومات دول عربية ومجاورة، زعم أنها تمول وتسلح المعارضة.

وقال عنان أمس "صدمت بالتقارير الأخيرة التي تفيد عن تصعيد في العنف والفظاعات في عدد من المدن والقرى السورية، مشيرا إلى أن هذا التصعيد ينتهك ضمانات قدمت إليه. وحث عنان القوات السورية ومقاتلي المعارضة على وقف كل أشكال العنف بحلول (الساعة 0600 بتوقيت دمشق) يوم الخميس الموافق 12 أبريل الجاري، تماشيا مع خطته للسلام. وقال "مع اقترابنا من مهلة الثلاثاء العاشر من أبريل أذكر الحكومة السورية بضرورة التنفيذ الكامل لكل التزاماتها، وأؤكد أن التصعيد الحالي للعنف غير مقبول". وأضاف "أنا على اتصال مستمر مع الحكومة السورية وأطلب من كل الدول صاحبة النفوذ على الطرفين استغلال ذلك الآن لضمان وقف إراقة الدماء وبدء حوار".

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي في بيان "فسرت مداخلات عنان أمام مجلس الأمن، والتي صدر على أساسها البيان الرئاسي الأخير، وكأن سورية أكدت أنها ستسحب قواتها من المدن ومحيطها بتاريخ 10 أبريل. مثل هذا التفسير خاطئ سيما وأن عنان لم يقدم للحكومة السورية حتى الآن ضمانات مكتوبة حول قبول الجماعات المسلحة لوقف العنف بكل أشكاله واستعدادها لتسليم أسلحتها لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها". وزعم المقدسي أيضا أن حكومته طلبت من عنان "ضمانات بالتزام حكومات كل من قطر والسعودية وتركيا بوقف تمويل وتسليح المجموعات المسلحة". وأضاف مقدسي "خلال لقاء عنان مع الرئيس الأسد أكد عنان أن مهمته تنطلق من احترام السيادة السورية وأنه سيعمل على وقف العنف من أي طرف وصولا لنزع أسلحة الجماعات المسلحة لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وبدء حوار وطني شامل مع أطياف المعارضة بسورية. وعلى هذا الأساس قبلت سورية مهمة عنان وخطته ذات النقاط الست".

وأكد مقدسي أن سورية "جاهزة لمواصلة التعاون مع عنان وستواصل إعلامه بالخطوات المتخذة لتنفيذ خطته على أمل الحصول على الضمانات الموثقة، وأي خلل أو سوء تفسير لموقف سورية لن يساهم في إنجاح مهمة عنان".

من جانبه، اعتبر قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد أمس، أنه لم يطلب منه ضمانات مكتوبة لإنهاء العنف، وأن خطة عنان ستفشل، لأن الحكومة السورية لن تنفذها. وقال "لم نعط الوفد شيئا ولم يطلب منا ضمانات مكتوبة. لا يوجد شيء اسمه تسليم سلاح. لن نسلم سلاحنا. يجب أن يسحب النظام القوات من المدن. لم نتطرق إلى ذلك أبدا. طالما النظام في السلطة لن نسلم سلاحنا والنظام لم ينفذ هذه الخطة".

وفي السياق، طالب تيار بناء الدولة السورية المعارض الذي يتزعمه المعتقل السياسي سابقا لؤي حسين، عنان أن يفتتح مكتبا له بدمشق للإشراف على مهمة وقف إطلاق النار من كافة الأطراف. وقال بيان للتيار إن "ما يذاع عن وقف إطلاق النار ليس مشجعا حتى الآن، فغير كاف إطلاقا اعتماد قبول السلطة غير الواضح بوقف العنف في 10 أبريل الجاري، ولا البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بإقرار هذا الاتفاق، ولا حتى إعلان الجيش السوري الحر قبوله الاتفاق مشروطا بالتزام السلطة بتنفيذه". واقترح التيار أن يفتتح عنان، فورا، مكتبا معروف العنوان بدمشق، يتواجد فيه دوما عدد كاف من مساعديه لمتابعة التفاصيل الصغيرة والكبيرة، وعدم الاكتفاء بوجود مراقبين من الخبراء العسكريين لتسجيل خروقات إطلاق النار، إذ "إننا نؤكد، منذ الآن، معرفتنا بأن السلطة لن تكون ملتزمة بما فيه الكفاية بوقف عنفها وإخراج الآليات المسلحة الثقيلة من الأحياء السكنية".

في غضون ذلك، جدد المجلس الوطني السوري مطالبته بعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لاستصدار قرار تحت البند السابع الذي يوفر حماية المدنيين. وقال إن "المجازر الوحشية التي ارتكبها نظام الأسد منذ إعلانه الكاذب عن قبول خطة عنان، كلفت الشعب السوري ما يقرب من ألف قتيل وستة آلاف لاجئ وعددا لا يحصى من النازحين والجرحى والمشردين والمعتقلين". وتحدث المجلس عن قيام النظام "بنشر المزيد من القوات والآليات والأسلحة الثقيلة في كل المحافظات الثائرة، بخلاف ما قطعه من وعود".