الطموح في الحياة أمر مشروع في كل مناحيها للوصول إلى الأفضل، وهو مطلب يحتاجه الإنسان في كل مجالات حياته الخاصة والعامة.. المادية والعملية والعلمية، ليكون المستقبل بالنسبة إليه ومن حوله من أسرة صغيرة أو وطن كبير، كما يريد، برؤية واضحة وتخطيط سليم وقناعة بأن الوصول للهدف هو بالاعتماد على ما بداخل الانسان من رغبة قوية في الأفضل، وألا ينجرف به طموحه ليضر نفسه ومن حوله، فكل وجه من وجوه الحياة وأشكالها لمن يرغب بجد وإخلاص سيصل لتحقيق مبتغاه، لكن هناك من يكون طموحه بلا تخطيط، بل هناك من يتحول طموحه إلى هم وإيذاء لنفسه ومن حوله، ربما لأنه لا يعرف أن يدير معركته بالحياة بطريقة متوازنة، فاختلط عليه الأمر ما بين الطموح والرغبة في أن يقفز قفزا، حتى لو اعتدى بقصد أو دون قصد على تطلعات وطموحات الآخرين بوصولية مقيتة، معتديا بها على مهارات أو قدرات أو نجاحات غيره، وكأنه يقول: (أنا ومن بعدي الطوفان)، دون أن يدرك أن الجهد الصادق والمثابرة هما طريق تحقيق الطموح، وأن الأذى لا يمكن إلا أن يؤذي صاحبه في النهاية، لأن قانون العدل على الأرض من الله، لا يمكن إلا أن تترجح كفته، وأن الانتهازية نهايتها مؤلمة.

الوصول إلى حقيقة الطموح الثابتة غير المتأرجحة داخل الإنسان، يكون بتهذيب النوايا وإعادة هيكلتها وغربلتها بما يخدم الطموح ولا يضر الآخرين، الطموح جميل وانعكاسه على الفرد ومجتمعه الكبير والصغير يجعل للحياة معنى، عندما يرتبط بالقيم والأخلاق المهنية والأصول المرعية، فغالبا صاحب الأخلاق في طموحه يصل ويكون هو الأقوى دون سطو على الآخرين، أو تشويه الطريق إلى نجاحهم، فنجاح الإنسان لا يتبلور ويتضح إلا مع نجاح الآخرين، وليس من خلال آلامهم وتشويههم، فالحياة تتسع للجميع، أما من يتخلف فتلك مسؤوليته، فالله ـ سبحانه ـ أعطاه عقلا ليفكر ويضيء برغبته طموحات من حوله، فيكون العطاء مشتركا للمصلحة العامة. وللطموح تقاليده الخاصة التي يستشرفها كل من لديه الرغبة الصادقة؛ من إصرار وتحد وإيمان بالله وثقة وتقوى وبعد عن استنزاف فرص الآخرين، وألا يشتبه الأمر على الطموح ما بين عطاء أو طمع فيتأرجح ولايصل لرغبته، بل يضل الطريق ويسلك سبيل التآمر على الناجحين حوله، وكأنهم سرقوا نجاحه، والطموح ـ في النهاية ـ هو البحث عن الأفضل والصالح لحياة رخاء وأمانة وعطاء، وهذا هو أهم السبل للوصول، فمن يستشعر الإحساس بالعطاء حتما سيصل لهدفه النبيل الذي ينعكس على المجتمع عامة.