بالأمس تحدثت عن الذاكرة العربية التي تنسى، ولكن فاتني القول إنها لا تسامح. فما فعله الصهاينة من مجازر ليس في فلسطين فقط وإنما على طول العالم العربي وعرضه لا يمكن أن يسامحوا عنه. مجزرة بحر البقر في مصر لا تقل شأنا عن مجزرتي دير ياسين وكفر قاسم، ولا عن مجزرة صبرا وشاتيلا وقانا في لبنان، ولا حتى عن تدنيس أرض تونس عندما تم اغتيال القادة أبو جهاد وأبو إياد وأبو الهول على يد الكوماندوز الإسرائيلي.

 إسرائيل تريدنا نسخة طبق الأصل عن إنسان رسمت ملامحه في مصانعها أو في المصانع الأمريكية. نوافق على ما تتكرم به علينا من فضائلها في الأرض وفي السيادة، ونتقوقع على أنفسنا بما ترسمه لمستقبلنا، على طريقة "أنت لا تفكر نحن نفكر عنك".

 صحيح أن العرب أعطوا الجانب الأمريكي فرصة استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بصورة غير مباشرة, لأن الطلب الأمريكي كان محرجا للعرب الذين استقبلوا أطروحات الرئيس أوباما بإيجابية، وساهموا بشكل مباشر في تقديم الرئيس الأمريكي على أنه فارس السلام، إلا أن إسرائيل عملت على عرقلة الطموح الأوبامي بتوجيه صفعات متتالية لسياساته كان آخرها الإعلان عن إنشاء 1600 وحدة سكنية بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس جو بايدن إلى تل أبيب.

 تتمايز إسرائيل عن العرب بأنها تملك مشروعا سياسيا لم يتغير منذ اغتصابها فلسطين. سعت إلى وطن قومي لليهود ونالت ما أرادت عندما أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق، فكانت الثمرة دولة مُغتَصِبة وشعب مشرد.

 اليوم تقول إسرائيل إنها ستوقف الاستيطان لمدة عشرة أشهر، لكن ممارساتها تتحدث العكس ، وعلينا أن نصدق وألا اتهمنا بالجحود، ليس إلا ؛ لأن الدولة المغتصبة تحمل مشروعا، ونحن لا.