من يجلس مع الناس ويتحدث إليهم يجد أن تأثير نشرات الأخبار التلفزيونية وبرامج الحوار الفضائية واضح، لكنه بنكهة طائفية صرفة. الموضوع في سورية مثلاً ليس مرتبطاً بعدد الضحايا أو القتل، بل هو في نقاشات البعض عن "علويين وسنة"!، وفي العراق أصبح الحديث عن أي عملية قتل مرتبطا بطائفة القاتل أو مذهب المنطقة أو المدينة التي تمت فيها العملية أو الانفجار! وفي لبنان وغيرها كذلك.

كل مواثيق الشرف الإعلامية هي حبيسة الأدراج، لأنها تأتي ضمن بروتوكولات الحكومات العربية، مؤتمرات وفلاشات وتصريحات، ثم اتفاقيات تحفظها الأدراج.

كمية الطائفية التلفزيونية مخيفة، فهي تسللت إلى أكثر قنوات الأخبار احترافية، حتى لم يعد للخبر الصحفي لوناً أو رائحة بدون ذكر طائفة القاتل أو المقتول. العراقي عراقي، والسوري سوري، والقاتل قد يكون أداة في يد آخرين، لكن بعض القنوات الإخبارية أصبحت أداة في يد الطائفية دون أن تدري.

محاربة الطائفية لا يمكن أن تتم عبر منبر واحد فقط، أو مؤتمر أو مركز، بل عبر جميع القنوات. فما سيبنيه مؤتمر أو مركز، ستهدمه نشرة إخبارية، أو رسالة نصية تعبوية، يتم تمريرها وصناعة الأخبار منها، حتى نعود إلى نقطة الصفر.

"شيعي/ سني"! القاتل أو المقتول، الرئيس أو النائب، المنطقة أو القرية، كلها عوامل أساسية في وصف الخبر. "قام عضو في تنظيم القاعدة بتفجير نفسه في منطقة تقطنها غالبية شيعية"! الخبر عادة ينتهي هنا، على الشاشة، لا يعطيك المذيع تفاصيل أكثر إذا ماكان الميت شيعيا أو سنيا، يهمه أن الكثافة السكانية هي من مذهب ما فقط، فلا يمكن أن يلومه أحد، يريد أن "يبيع".