يتذكر العالم بعد غد ذلك اليوم الذي تغير فيه كل شيء، وتحولت فيه علاقة الأصدقاء إلى حالة من الشك المتبادل، وأصبح حليف الأمس عدو اليوم، فهل نحن اليوم أفضل حالا مما كنا عليه أم أسوأ؟ وهل كان التغيير الذي أعقب زلزال الحادي عشر من سبتمبر فأل خير على الأمة العربية والإسلامية أم وبالا أنتج لنا انقساما وضعفا وانكسارا؟

قبل أحد عشر عاما وفي مثل اليوم الذي سيأتي بعد غد تغير العالم، وتبدل المنطق الذي كان يدار فيه، فأصبح عالما بلونين لا ثالث لهما، فإما لون الشر وإما لون الخير، وكلٌ يصبغ ذلك اللون وفق أهوائه وفلسفته، حتى أصبح الأسود أبيض والأبيض أسود، فاختلط العالم وأصبح فوضى خلاقة ومسرحا مناسبا لكل أشكال العبث السياسي والفكري.

وكإنسان بسيط أسأل هؤلاء الذين كانوا خلف تلك الأحداث ومن استغلها.. ومن ركب موجتها.. عددا من الأسئلة التي لا أنتظر منها أن تريحني بقدر ما أتمنى أنها تكشف لي هل نحن اليوم في أفضل حال مما كنا عليه سابقا؟

فلتنظيم القاعدة وقادته ممن ابتكروا سياسة قتل الأبرياء للانتقام من الدول.. أسأل: هل تم تأسيس دولتكم الإسلامية العظيمة التي تدعون لها؟ وهل لكم أن تجدوا مأمنا بعد أن أطاحت الثورات العربية التي قادها الإنسان البسيط برؤوس الطغيان في وقت اكتفيتم أنتم بالتنظير من كهوفكم؟

وللأميركان.. أسأل: هل أصبحت أرضكم أكثر أمانا بعد أن طغيتم في الأرض جبروتا وقتلتم الأبرياء في أفغانسان والعراق وباكستان؟ أم أن اقتصادكم أصبح أكثر قوة بعد صفقات السلاح التي روجتم لها في دول المواجهة والربيع وما حول الربيع؟ وهل كان ذلكم الحدث الفاجع لكم وللعالم سببا لتحويل هذا العالم إلى ضحية بسبب عنجهية مجموعة انتهجت عقلية الانتقام بدلا من أسلوب المعالجة السياسية الحكيمة لأزماته وأزمات العالم؟

دفع وطني الحبيب بعضا من فاتورة تهور وعدم مسؤولية بعض أبنائه، وهو براء مما فعلوا وقاموا به من قتل باسم أعظم دين.. وإرهاب باسم العدالة.. وهم أبعد ما يكونون عن تلك المعاني والمثل الطاهرة، إلا أن بعض النور يظهر في الظلام، والدروس لا يستفاد منها إلا عندما تتقاطع مع التجارب، فخرج العفن الذي كان مستترا في أحشاء الوطن، وتكشفت لنا مواطن ضعفنا وخللنا وأصبحنا اليوم أقرب لمصارحة أنفسنا ومعالجة مواطن الخلل فيها.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر غيرت العالم دون شك، ولكن هل حان الوقت للعالم أن يتجاوز ذلك اليوم ويضع حدا للعبث السياسي؟