الخدمات الصحية هي من أهم احتياجات المواطن الأساسية التي تتباهى الدول في مدى جودة تطبيقها ورضا المستفيدين عنها.

ولا ينكر إلا جاحد، ما قدمته دولتنا أعزها الله من دعم غير محدود للقطاع الصحي ممثلا في إنشاء مدن طبية جديدة ومستشفيات تخصصية ومرجعية في كافة مناطق المملكة وتزويدها بالكوادر المؤهلة والمدربة. ولكن هل كان هذا الدعم المقدم يوازي ماهو موجود على أرض الواقع من خدمات طبية تلامس احتياجات المواطنين.

أعتقد أن الإجابة السريعة التي سوف تتبادر إلى ذهن شريحة لا بأس بها من الناس هي لا، ولا هذه يمكن أن تعلل بعدة أسباب منها تباعد فترة حجز مواعيد العيادات في المستشفيات، عدم وجود أسرة شاغرة، وعدم الرضا عن الخدمات الطبية أو التمريضية أوحدوث الأخطاء الطبية.

قد يكون بعض هذه الأسباب صحيحا ويدعو إلى عدم الرضا عن الخدمات الصحية ولكن في خضم ثورة البناء التي يخوضها الوطن الحبيب من أجل رفع وتحسين وتجويد كل ما يقدم للمواطن على هذه الأرض الطاهرة وما يحقق رفاهيته كما وجه به قائد الوطن - حفظه الله وأطال في عمره - وجب علينا أن نقف يدا واحدة نشد أزر بعضنا البعض لتحقيق هذا الهدف العظيم.

إن الإعلام بشكل خاص رافد وداعم كبير لهذا التوجه السامي وذلك بالمساعدة في تسليط الضوء على أوجه القصور والخلل وفي ذات الوقت أيضا إبراز الإنجازات ومكامن التفوق والإبداع. ولكن بعض التعاطي الإعلامي في الفترة الأخيرة مع الشأن الصحي والخدمات الطبية في وجهة نظري شابه الكثير من السلبية, فليس من المجدي وليس في مصلحة أحد أن تهتز ثقة المواطن في الخدمات الصحية المقدمة في وطنه بالصفة التي تجعله يتخوف من أي إجراء طبي في المستشفيات الحكومية أو تؤثر على نفسية وإنتاجية الكادر الصحي في الجانب الآخر. الصحافة هي مرآة المواطن ولها الحق في نقد أوجه القصور إن وجدت ولكن بحكمة وموضوعية وبالابتعاد عن الإثارة وهذا هو الأهم.

طالعت أخيراً موضوعا لمحرر صحفي يحمل عنوان مثير للسخرية وهو "فأر يصعد شائعات اضمحلال النظافة في مستشفى الأطفال"، أنا لا أعرف ماذا سيستفيد القارئ من موضوع كهذا، وهل وجود قارض واحد تم التعامل معه في مبنى للإدارة يستلزم موضوعا مثل هذا وعنوان "بالبنط العريض".

يحق للصحافة أن تسلط الضوء على أوجه القصور كما أشرت ولكن بإسلوب حصيف وهادف ولا يستهدف مؤسسات بعينها ولا أشخاصا حتى لا يعطي انطباعا للجانب الشخصي للموضوع. فماذا يستفيد المواطن إن تزعزعت ثقته في مستشفى كبير يخدم شريحة كبيرة من الأطفال ويولد به آلاف الأمهات سنويا, وكيف تكون نفسيات العاملين في هذا الصرح العتيد الذي عالج ولم يزل العدد الأكبر من هذه الفئة المستهدفة في محافظة جدة وما حولها على مر السنين.

إن الصحافة دورها عظيم وهي صوت المواطن وسلاح ذو حدين في نفس الوقت, وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.