باعتقادي السبب الرئيس لتعثر المشاريع الحكومية هو تخمة هذا القطاع فالمعروض من المناقصات يفوق بكثير استيعاب المقاولين المتنافسين في هذا القطاع.
ونجد من يخوض في أسباب هذه المشكلة الحكومية أيا كانت صفته يتحدث عن ( ثغرات في نظام المشتريات الحكومية ) دون أن يتطرق لصفة هذه الثغرات، ودون أن تجد منه تبريرا منطقيا للأسباب أو تحديدا لمشكلة، بل كلام عام لا تعلم ما مغزاه ، ويضع حلولا لمشكله لم تحل أصلا ولم تعرف أسبابها.
عموما هذا ليس مقام عتاب نعم إن سبب تعثر المشاريع الحكومية يعود ( لثغرات في نظام المشتريات الحكومية ) ... ليس كلاما عاما بل سنعرضه ونحلله بكل موضوعية, وأتحدث هنا عن أحد المتطلبات الواجب توافرها في المقاول للسماح له في الدخول في المنافسات الحكومية، وأعني (شهادة تصنيف المقاول) التي تصنف المقاولين حسب الحجم والإمكانات (عدد العمالة – عدد المعدات – وسابقة الأعمال ...إلخ) وتمنح للمقاول الدرجة التي يستحقها أي الدرجة التي يستطيع المقاول أن ينافس فيها مع من يعادله في نفس الدرجة, وبشرح مبسط مختصر لآلية التصنيف هناك خمس درجات للتصنيف تبدأ من الخامسة إلى الأولى مثال : أي أن المشاريع الحكومية التي يتوقع حدود تكلفتها المالية فرضا 100 مليون ريال يشترط في من يخول للدخول والمنافسة عليها أن يحمل الدرجة الأولى في نفس مجال المناقصة المطروحة ، وبمعنى آخر درجة تصنيف أولى تعطى للكيانات الكبيرة جدا ذات الإمكانيات الهائلة في التعامل مع المشاريع الضخمة، وهكذا نزولا بين درجات التصنيف لفرز المقاولين كل حسب حجم شركته وإمكانياتها.
أي وضعت هذه الشهادة لاستبعاد المقاول الذي يريد أن يتنافس على مناقصة حجم العمل فيها أكبر من إمكاناته وقدرته على تنفيذها، لكن دفعه الطمع في حجم المبالغ التي تصل إليها هذه المناقصات . لكن طمع هذا المقاول صاحب درجة التصنيف المنخفض يدفع به لاتخاذ استراتجية مغايرة لنفس حجم المبالغ التي يصل إليها صاحب الكيان الكبير والإمكانيات الكبيرة ، وذلك بالدخول في عدد كبير من المناقصات الصغيرة - بما أن النظام يسمح – ولو نظرنا في مجموع هذه المناقصات الصغيرة لوجدناها من جهة قد تصل في مجمل قيمها للمشاريع الكبيرة ومن جهة أخرى يفوق حجم العمل فيها ومتطلبات العمل كمعدات أو عمالة إمكانيات هذا المقاول بكثير مما يضطره لبيعها بأقل تكلفة لمقاولين إما ناشئين أو مقاولين لم يستوفوا الشروط النظامية لمزاولة مهنة المقاولات أو يضطر هذا المقاول للتعاقد مع العمالة المتخلفة الذين لا يملكون أي خبرات لإنجاز الأعمال في هذه المشاريع والنتيجة : ما نراه من تعطل وتأخير في هذه المشاريع!.
بدر واصل الحرازي- جدة