يقول الشاعرحافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فاللغة العربية بحر كبير مليء بالجواهر والأحجار الكريمة ولكنها فقط تحتاج إلى غواص ماهر يدرك أسرار الغوص لكي يستطيع أن يخرج لنا روائع الأصداف.
وقديما أدرك العربي الأول سر جمال اللغة فكتب بها شعرا خلدته الأمة بأن كتبته بماء الذهب وعلقته على أستار الكعبة والذي عُرف في تاريخ الأدب العربي باسم "المعلقات".
وبعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس والشام ومصر والأندلس، استطاعت اللغة العربية أن تستوعب ثقافات هذه الأمم؛ فاكتسبت روافد جديدة ضمنت حيويتها وجمالها وقوتها على مرالعصور، واستطاعت العربية أيضا أن تدهش العالم وتبتكر فنونا أدبية لم تكن معروفة لديها في مراحل الازدهار السياسي مثل فن "الموشحات" في الأندلس الذي تأثر به الأدب الغربي كثيرا.
ودائما ما تزدهر اللغة مع ازدهار الأمم حضاريا وسياسيا، والأمة التي تتخلى عن لغتها فلا مكان لها بين الأمم.
ومع انتشار وسائل الإعلام وانتشار القنوات المتخصصة في الأخبار والثقافة والدعوة؛ فإن الأخطاء تأتي كثيرة جدًّا على ألسنة المذيعين والمذيعات.
وبدلاً من تحوُّل وسائل الإعلام إلى أداة لنشر اللغة وتذوقها فإنها ـ للأسف ـ تتحول إلى معاول هدم تهدد اللغة وتفتح المجال واسعا أمام اللغات الدخيلة، ونتحول مع الزمن إلى أمة منسية ليس لها ملامح تميزها.
ومن هنا، لابد أن تتكاتف جهود جامعة الدول العربية ومجامع اللغة العربية والمؤسسات الثقافية في المملكة ـ موطن اللغة والشعر العربي ـ وتقوم جميعها بدور المدافع عن اللغة العربية والمشجع عليها في وسائل الإعلام ووضع ضوابط ومعايير تكون ملزمة لكل وسائل الإعلام التي تتخذ اللغة العربية الفصحى لسانا للتعبير عنها؛ لكي تظل لغة الضاد قوية وفي مكانة مرموقة بين لغات العالم، ورحم الله شوقي أمير الشعراء حيث قال:
إن الذي ملأ اللغات محاسنا
جعل الجمالَ وسرَّه في الضاد