كيف يمكن لمثلي، بوصفي مواطنا في عزلة إجبارية، أن يلتقط أفكارا للكتابة، حين يجد نفسه فجأة بين عشرات الأسماء الوطنية الكبرى من ضيوف سوق عكاظ؟
بعد سويعات من النقاش الصاخب الطويل، أتحسس رأسي تماما وهو يشبه "قربة" ماء جلدية مهجورة لعامين، ثم تمتلئ فجأة بالماء بكل ما يفعله هذا التحول "للأديم" من حالة متصلبة إلى حالة سائلة.
والواقع أن سوق عكاظ، الذي أصبح بالنسبة إلي حالة شاردة من كسر العزلة "للإهمال"، سوق لشراء الأفكار التي سأعود بها إلى أهلي مثلما كان الأجداد من مذحج وأزد شنوءة يعودون بأبيات الشعر من هذه السوق الثقافية.
اكتشفت أن سواد البنية الثقافية السعودية من ثلاث مدن بالتقريب، ولعله لهذا، بدوت عليهم نشازا وأنا أقرئهم السلام وأقرعهم بالعناق الساخن.
هم لا يتعانقون، لأنهم ـ في المجمل ـ كانوا مع بعضهم البعض في مدنهم ليلة البارحة.
والمثير الذي كشفته نفسي لي أنني أكتب برغم عقم الأفكار وبرغم العزلة.
هؤلاء الكتاب الذين يتناثرون من حولي، لايجدون صعوبة في استنباطها بسبب العصف الذهني فيما بينهم، وبسبب الاقتراض الذي يتبادلونه فيما بينهم.
هؤلاء يعدون لبعضهم البعض أفكارا جاهزة للتحويل، ومن سوق عكاظ وأهله احترت فيما أكتب: هل أكتب عن مبرة بدر الخريف لوالديه التي تعد ابتكارا في عوالم الوقف، ولولا أنه لا يرتضي الإفصاح لأفرغت لها مساحة مستقلة لعموم الفائدة.
هل أستلف من يحيى الأمير فكرته المثيرة عن جبل جديد مقابل (لجبال فيفا)؟ أم أكتب عن كتاب أحمد العرفج الفريد في بابه: "فتن النوافذ"؟
سأكتب هذه الأفكار مع حفظ حقوق أهلها في قادم الزمن.