كعلاقة الجسد والروح التي لا يمكن أن يقوم أحدهما دون الآخر، هي علاقة المواطن بالوطن، فلا يوجد وطنٌ من دون مُواطن، ولا مُواطن دون وطن، ولهذا فاليوم يومٌ عظيم في حياة كل السعوديين والسعوديات، إنه يومٌ يرسخ وحدتنا الوطنية تحت سماء قيادة حكيمة تمدّ قامتنا الحضارية التي نُزين بها هذا الأرض العظيمة مهد الوحي والرسالة المحمدية، ويغرس جذورها بعمق داخل باطنها الطيبة التي حجّ إليها أنبياء الله تعالى ودفن فيها جُلهم، إنه وطنٌ عظيمٌ بثرائه الإقليمي والثقافي وبتعددية أطياف مواطنيه السعوديين الفكرية والمذهبية والإقليمية، هو وطن كل السعوديين والسعوديات الذين يجب أن يدركوا أنه لهم جميعا دون تمييز أو تصنيف يجرهم إليه تعصب "أحمق" وجهل "منقص" فيما بينهم على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية، فكلنا وطنيون لأننا كلنا سعوديون.

إنه يوم الوطن العظيم ويوم المواطن أيضا، وكما نغني فيه للوطن أناشيد قلب ملأه الوفاء والحب مع مؤسس هذه الدولة العظيمة الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ وأبنائه من بعده بعد توحيدها ونقلها من أرض قاحلة لا مكان ولا رأي لها في الخريطة العالمية إلى دولة لها كيانها السياسي القوي ورأيها المؤثر وحضورها الاقتصادي المتسيد في المجتمع الدولي، ليُحسب لها ألف حساب وحساب، فهذا اليوم أيضا هو يوم يُنشد فيه الوطن بقيادته الحكيمة أغنية الوفاء بحقوق المواطنين وكل السعوديين، الوفاء بمتطلبات المواطن التي لا تبخل في دفعها قيادة هذا الوطن الحكيمة لكن يسيء تصريفها بعض المسؤولين الذي يكونون سببا من أسباب اغتيال حقوق المواطن والإساءة لكرامته بسبب فسادهم المالي أو الإداري أو تحويلهم بعض الإدارات التي يتولونها في المؤسسات الحكومية، إلى ملكيات خاصة بهم وبعائلاتهم وأقاربهم وتوجهاتهم الفكرية مع الأسف الشديد، ولهذا كانت هيئة مكافحة الفساد التي يريد المواطن اليوم أن يرى فعلها على أرض الواقع بجدية وحزم وبشكل يهبه الطمأنينة ويضمن حقه في التعليم والعلاج والسكن والعيش والوظيفة دون محسوبيات ودون واسطة ودون علاقات عائلية أو قبلية ودون تدخل في توجهاته الفكرية.

إنه يوم المواطن الذي أحب قيادة هذه البلاد العظيمة وأخلص لها في علاقة وفاء شهدها المجتمع الدولي، وله من الحق كل الحق أن يعيش في رغد ضمنته قيادة الدولة وأكده مرات ومرات خادم الحرمين الشريفين (أبو متعب وكل السعوديين حفظه الله) عبر تصريحاته وقراراته ومخاطباته للشعب الكريم في مناسبات عدة، ولكن قصر في ذلك بعض المسؤولين الذين أُتمنوا على أداء المهمة وضيعوها نتيجة رداءة إدارتهم أو عشوائية قراراتهم أو تعاليهم على المواطن، وقد شهدنا نحن السعوديين في مقاطع اليوتيوب بعض تصرفاتهم غير المسؤولة وتعاليهم، رغم أنهم ما وجدوا إلا ليخدموا السعوديين، وهناك آخرون لم يصلوا إلى "اليوتيوب" بعد، ممن حولوا احتياجات بعض المواطنين إلى متاجرة "نفسية" تهبهم الشعور بأهميتهم ونرجسيتهم، وهؤلاء يجب وقفهم ومحاسبتهم حسابا رادعا بقوانين ثابتة تضمن للمواطن حق مقاضاتهم برفع شكاوى لا تغتالها "البيروقراطية" في أدراج مسؤولين آخرين ولا تتآكل مع الزمن وتُنسى فتجعله يحبس شعوره بالغضب في ظل حبه العظيم للوطن.

إنه يوم المواطن العظيم الذي أحب قيادة هذا البلد الحكيمة من عبدالعزيز رحمه الله إلى أبي متعب وولي عهده ـ وفقهما الله ـ إنه يوم المواطن العظيم وقد وهب البلد إخلاصه ووفاءه ومحبته وأوكل أمره لولاة الأمر طاعة واحتراما، فله كل الحق والحق بأن يتمتع بصحافة تصنع الوعي والفكر وتعزز ثقافة حقوق الإنسان، صحافة مسؤولة عاشت وتعيش ربيعها في عهد الملك عبدالله، لكنها تحتاج للمزيد من الدعم لتكون بحق سلطة مؤثرة تشارك في بناء وطن عظيم.

في عهد الإصلاح الذي يشهد ثقافة "الانتخاب" عبر صناديق الغرف التجارية والمجالس البلدية والجمعيات الثقافية والمدنية والأندية الأدبية المجتمع يطمح بدور أكبر للصحافة التي ترتقي بالوطن والمواطن معا، فتكون صوت المواطن وشكواه ومتطلباته لا صوت المسؤول الذي يصرح بتصريحات تخدر وتؤخر الإصلاح التنموي ليبقى على كرسيه أطول وقت على حساب نمونا المجتمعي والحضاري والثقافي وهو ما تسعى له قيادة هذه البلد بحكمة ووعي.

إنه يوم كل السعوديات المواطنات اللاتي ينشدن الإصلاح الدافع بالمرأة السعودية إلى مصاف نساء العالم حضارة وعلما وسياسة كشريكات في التنمية المحلية والدولية لا كمجرد "وردة حمراء" تُزين "جاكيت" الرجل السعودي حين يكون له حضوره الخارجي، خاصة وأنهن اليوم يتمتعن بأبوة كريم ابن كريم هو عبدالله بن عبدالعزيز، واللاتي وهبن الوطن العظيم نجاحهن كأمهات أنجبن رجالا يؤثرون في تنمية الوطن ثقافيا وأدبيا وفنيا واقتصاديا وسياسيا، إنه يوم السعوديات اللاتي أهدين الوطن حضورهن الدولي فيما حققته بعضهن بمجهود فردي قاوم تحديات المجتمع وعوائقه من منجزات علمية وأكاديمية وبحثية وثقافية أدبية، وهنّ يطالبن بالإصلاح الذي يجعل كل واحدة منهن مواطنة كاملة الأهلية لا نصف مواطنة تكتمل أهليتها برجل يتحكم في تعليمها وعملها وعلاجها وسكنها، فكثيرات بيننا مطلقات وأرامل ويتيمات، وكثيرون بيننا معدومو الضمير يستغلون حاجتهن ويمسون كرامتهن ويتحولون إلى استغلالهن وابتزازهن، ولهذا إنهن في هذا اليوم العظيم يحتجن إلى قرارات تعزز حمايتهن عبر إصلاح قانوني واجتماعي يجعلهن مواطنات بحق.

أخيرا وليس آخرا، كم أحبك يا وطني وكم أشعر بعظمتك في روحي، إنه بحق يوم الوطن والمواطن، علاقة الجسد والروح، فحفظ لنا الله وطننا وقيادتنا وكل السعوديين من كيد الخبثاء وخبث الحاسدين وجهل الجاهلين وتطرف المتاجرين بدين المحبة والسلام.