أين وصلنا؟ "خلوووها".. لن ينتهي الجدل حول "الفصحى والعامية" إلا باحترام فطرتنا اللغوية/ فكرنا المنطوق وهويتنا القومية شئنا أم أبينا!! ولن يأتي هذا الاحترام إلا من أكاديمي شجاع يكتشف قواعد فزاعة "العامية"، كما فعل الزميل/ "رائحة التفاح" بفزاعة "الفصحى"، وكما فعل الدكتور "سعد الصويان" بتحديد أوزان الشعر النبطي من "بني هلال" إلى "أولسان" المهايطين الجدد في "شاعر المليون" و"شاعر المعنى" وغيرهما!

ذلك الأكاديمي قد يكون أستاذنا الدكتور/ "مرزوق بن تنباك" لو ـ التي تفتح عمل الشيطان ـ غيَّر عنوان كتابه الشهير (الفصحى ونظرية الفكر العامي) وجعله (الفكر اللغوي): هكذا بلا ميل غير علمي لإحدى الفزاعتين الجدليتين!!

صدر ذلك الكتاب "التنباكي" قبل عشرين عاماً وأثار جدلاً واسعاً بين المهتمين والمثقفين حتى صار ـ حسب أستاذنا/ "فايز بن موسى البدراني" ـ موضوع محاورة شعرية بين العملاقين/ "مطلق الثبيتي" ـ وهو يحمل الماجستير في اللغة العربية وله ديوان شعر فصيح ـ و"صياف الحربي" الذي يحمل شهادة "مجنون .. لاعبوه" من شيخ المحاورة/ "محمد الجبرتي"!!

بدأ الثبيتي "الفتل" في اصطلاح فن المحاورة:

"الحريبي" ينفض اللحية ويطوي في معمه * راغ قلبه من "شليويح المطيري" و"الزلامي"!

و"ينفض" كناية عن القدم، و"المعم" كناية عن الوصاية والفوقية! و"شليويح المطيري" و"رشيد الزلامي" عملاقان آخران من دهاة المحاورة، جعلهما رمزاً "للعامية" التي أعلن الحريبي "ابن تنباك" الحرب عليها!

وتتجلى عبقرية الفتل الثبيتي في تصويره "ابن تنباك" بعيراً عاد ليرضع أمه (الفصحى) بعد أن اشتدت أنيابه وامتلأ سنامه شحماً (علماً)، وهو البدوي القح ولادةً ونشأة:

والبعير اللي يشيل الحمل عوَّد يرضع أمه * بعد قالوا شامخ النيبان مردوم السنامِ!

وعلى قدر هذا "الفتل" المدهش يأتي "نقض" صياف:

الحريبي يوم غنى حطكم في راس كمه * ثم خلاكم عجينة كن مافيكم عظامِ!

الجمل يمشي على الدرب وكلامك مايهمه * من هديره قمت من نومك وحرمت المنامِ!

وتستمر المساجلة الممتعة في تكثيف فني نادر لكل ما تعرفه من براهين المؤيدين للعامية ـ ويمثلهم الثبيتي ـ والمناوئين لها ـ ويمثلهم صياف ـ فيقول الثبيتي مثلاً:

الزمان اللي ستر حالي وحالك لاتذمه * والحرم من دونه المسعى وبيبان السلامِ!

يريد أن معاداة العامية نكران لدورها في حفظ تاريخنا عبر الزمان! ويرمز بالحرم للقرآن العظيم حيث تتهم العامية والمتعممون بها بمحاربته، ويؤكد صياف ذلك بنقضه:

أنت ذيبٍ تكره البارود يوم انك تشمه * ماتحب النور الابيض ماتحب ألا الظلامِ!

ويقصد الثبيتي بالمسعى الحراك الفكري الحتمي، الذي سينتهي بسلام عكس ما تخوفوننا به!

وادخل "يوتيوب" واستمتع بالمحاورة كاملة، ولكن تأمل ماكتبنا أعلاه فقط وجرَّب أن تجد فرقاً بينه وبين الــ...ماذا؟ ألم نقل إنها لغة واحدة؟