ضرب إعصار ساندي الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية منتصف الأسبوع كأحد أقوى الظواهر الطبيعية التي مرت بتاريخها. جذب الإعصار اهتمام العالم أجمع وخاصة المهتمين بإدارة الأزمات والكوارث في محاولة لمراقبة خطة التعامل مع هذه الظاهرة وكيفية إدارتها لتفادي أخطائها والاستفادة من إيجابياتها.

إعصار الساحل الشرقي كان محملا بالعديد من التحديات كالسيول والعواصف وحتى الثلوج وأيضا تحدي ضرب العديد من المدن الرئيسية الحيوية والضواحي والقرى مما يجعله مناسبا كدراسة حالة متكاملة.

بدأت التحذيرات والاستعدادات قبل وصول الإعصار بأيام عديدة وأعلنت كل ولاية خطة الطوارئ الخاصة بها وحرصت على أن يعلم بها السكان ليقوموا بالتجهيزات اللازمة من أساسيات غذائية إلى معرفة أقرب ملاجئ متاحة في حال الحاجة إليها.

من ضمن السكان الذين عاصروا هذا الحدث التاريخي العديد من أبنائنا وبناتنا في كافة ولايات الساحل الشرقي والذين تعرضوا لهذه التجربة الفريدة وتعرضوا لخطة الطوارئ الخاصة بكلياتهم وجامعاتهم ومعاهدهم وتابعوا وسائل الإعلام المختلفة وما تحمله من مصادر ومراجع لقطاعات حكومية ومؤسسات مدنية لمساعدتهم في حال الحاجة إليها.

وجود أبنائنا وبناتنا هناك وبتخصصاتهم الخصبة والمتنوعة والتي غالبا ما تتقاطع مع الكوارث والأزمات، كل وتخصصه، هو فرصة للاستفادة من تجاربهم في وضع خطة الكوارث الوطنية والتي لم تر النور حتى الآن.

إحدى أهم الخطوات المتبعة في بناء خطط الكوارث وتطويرها هي إجراء مقابلات مركزة ضمن مجموعات متنوعة التجارب للمشاركة بخبراتها "الحقيقية" وليست الخبرات الأكاديمية التنظيرية. هذه المقابلات تعد وسيلة نوعية فعالة في تحديد الاحتياجات وتبني السياسات الجيدة وتفادي الضار منها، فكيف بمجموعة من أبناء وبنات الوطن من كافة مناطق المملكة وبتخصصات مختلفة، وتعرضت لظواهر طبيعية في أنظمة مغايرة؟ وجود هذه العوامل كافة يتيح لهم نقل تجاربهم عن طريق هذه المقابلات المركزة بشكل فعال لعلمهم ببيئة المملكة وتركيبتها الاجتماعية وبنيتها التحتية وهو غالبا ما يخفق في فهمه مستشارون عالميون ومن ثم يؤدي لهدر المال العام في خطط لا تصلح للمملكة.

على سبيل المثال، ليقم المسؤولون عن بناء خطة الكوارث الوطنية بإجراء مقابلات مركزة نوعية لمجموعة من طلبة وطالبات الإعلام في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية لمحاورتهم عن تجربتهم كسكان وكإعلاميين عن الخطة الإعلامية لإعصار ساندي. مقابلات كهذه ستضيف بعدا واقعيا لعملية بناء الخطة بالاستفادة من نقاط القوة ومحاولة تجنب نقاط الضعف أو النقاط التي لا تتناسب مع التركيبة الاجتماعية. نتائج هذه المقابلات لا بد من توثيقها وتحليلها بشكل علمي حتى تعد مرجعا لمقابلات مركزة نوعية مستقبلية مع مجموعات أخرى تساهم في قياس التوقعات والمقاييس المجتمعية والتخصصية من خطة الكوارث الوطنية.

نحن لسنا بمعزل عن الكوارث الطبيعية، ومع ذلك فنحن لا نملك حتى اللحظة خطة كوارث وطنية وكل ما لدينا هو خطة إدارة أزمات وحشود لفترة الحج. وجود الأخيرة يجعل تأخر الأولى صعبا على النفس ومثيرا للتساؤل، فنحن نملك العقول والخبرات المحلية والدولية، كالتعرض لإعصار ساندي مثلا فماذا ننتظر؟

المقابلات النوعية المركزة للمجموعات هي أحد أهم نشاطات الجمعيات والمؤسسات الأهلية المختصة بالكوارث والأزمات وهي غالبا ما تقوم بها كعامل مهم مساعد لتزويد صناع القرار بمعلومات واقعية تؤهلهم لاتخاذ قرارات تنفيذية مستنيرة. عدم وجود هذه الجمعيات والمؤسسات لدينا يرمي بثقل هذه المهمة على عاتق اللجنة المسؤولة عن إنشاء خطة الكوارث الوطنية ولو تم تفعيل نظام المؤسسات والجمعيات الأهلية لكانت هذه مهمة مشتركة، على سبيل المثال، لجمعيات الكوارث الأهلية المحلية ونقابات مبتعثي الساحل الشرقي لساندي أميركا أو جمعيات الكوارث الأهلية المحلية وجمعية منقذي غرقى السيول لدينا.