هاني السعدي، في اسمه الهناء والسعادة، أما اسمه الفني الشهير جدا "بابا فرحان"، ففيه الأبوّة والفرح.

منذ عام 1965، وهو العام الذي اعتمد فيه هاني السعدي، كممثل في الإذاعة، كان ملء السمع، قبل أن يصبح ممثلا مميزا في التلفزيون، ليصير ملء البصر.

المشكلة، هي نفس المشكلة في مجتمعاتنا العربية، وفي مؤسساتنا الإعلامية والثقافية، إذ تنتظر، تلك المؤسسات، الوقت الذي يُحمل فيه جثمان أي مبدع إلى المقبرة، ثم تبدأ في تكريمه، وإغراقه بكلمات الثناء والمديح والإطراء، ولست أنا هنا، خارج تلك الدائرة، فقدر هاني السعدي، هو قدر غيره من المبدعين العرب، الذين لابد أن يموتوا أولاً، شرطا لتكريمهم فيما بعد.

كنا ولازلنا، نقول، إنه ليس كلّ فن، قادر على مخاطبة عقل الطفل ووجدانه، بل من وجهة نظري، أرى أن هذا النوع من الفن، هو أصعب الفنون وأكثرها تعقيدا، لأنه يخاطب ذائقة طفل، ليس من السهل فهمها والتعامل معها وإشباعها فنيا.

فن الطفل معقد جدا، ولأنه معقد ومتعب وصعب، فهو مربع صغير على شكل فخ، ينزلق فيه أي فنان لايملك أدوات هذا الفن، وعند أول تجربة، إلا أن هاني السعدي وقلة من الفنانين سواه، استطاعوا أن ينجحوا بتميز، في التوجدن والانصهار مع متطلبات الطفل الفنية، التي لاتتعالى على فكره أولا، ولاتستخف بعقله ثانيا وعاشرا.

ارتبط هاني السعدي، بالذاكرة الجمعية للمجتمع السعودي، منذ عشرات السنين، من خلال الكثير من الأعمال، إلا أن أكثرها تأثيرا، كان عمله الطفولي الرائع (بابا فرحان)، فكان السعدي أبا لطفولة أجيال سعودية عدة، وكان رفيقا وفيا للأطفال، عقولهم وقلوبهم وحتى أحلامهم الصغيرة.

كبرنا على وجه هاني السعدي، بملامحه الحجازية الجميلة، وعلى زيه الحجازي الأنيق، وعلى روحه الفنية العالية الإحساس والفهم.

هاني السعدي، أو بابا فرحان، هو طفولتنا التي ماتت.