عندما قرأت في "الوطن" خلال الأسبوع المنصرم وللمرة الثانية خلال شهر، تأكيد وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان على أن هناك توجها لتعاون قريب بين وزارته ووزارة التعليم العالي في سبيل تأسيس أكاديمية للفنون، عادت بي الذاكرة إلى تسع سنوات مضت. ففي المكان نفسه الذي نشر فيه تصريح الحجيلان ـ الصفحة الثقافية في "الوطن" ـ كان الأستاذ محمد الشدي الرئيس الأسبق لمجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون، قد صرح في حوار أجريته معه قبل سنوات بأن إنشاء أكاديمية أو معهد للفنون من الأمور الموضوعة ضمن خطط الجمعية. وبالطبع فتصريح كهذا وفي ذلك الوقت كان لافتا جدا وبالتالي احتل العنوان الرئيس للحوار الصحفي. ثم سارت الأمور في اتجاهات أخرى بعد ضم الجمعية لوزارة الثقافة والإعلام وطمر الزمن وتحولاته هذا التوجه فتجمد المشروع لمدة عقد زمني كامل، إلى أن عاد هذه الأيام للواجهة بعد تصريح الدكتور الحجيلان الذي أكد أن فكرة إنشاء الأكاديمية جاءت تنفيذا لتوصية ملتقى المثقفين السعوديين إضافة إلى مئات المطالبات والطروحات الصحفية وأوراق العمل التي قدمت في مناسبات ثقافية وفنية مختلفة، وكلها كانت تتفق على أهمية وجود تأهيل علمي أكاديمي لهواة المسرح والسينما والتشكيل والتصوير وغيرها.
الحقيقة أن إنشاء الأكاديمية أصبح ضرورة حتمية لاستقطاب كثير من الكوادر الشابة المبدعة التي تظهر يوما بعد يوم في المملكة وبأعداد لافتة للنظر، حتى إن بعض هؤلاء المبدعين والمبدعات في مجالات فنية مختلفة اضطروا للسفر إلى عدة بلدان في العالم على نفقتهم الخاصة لكي يدرسوا الفنون بشكل علمي حديث، لكي يستطيعوا التحول من الهواية إلى الاحتراف خصوصا بعد أن حددوا مسارات حياتهم المهنية بناء على ما يملكونه من إمكانات فنية أشاد بها البعيد قبل القريب. بل إن كثيرا من هؤلاء تمكنوا وبجهود شخصية بحتة فرض أسمائهم على الساحة وتأسيس قاعدة جماهيرية لا ينكرها منصف، كما حدث ويحدث مع الشباب الذين اتجهوا بإبداعاتهم في الإخراج والتصوير والسيناريو والتمثيل إلى قناة "اليوتيوب" العالمية.
المهم هنا أن تصر وزارتا الثقافة والإعلام والتعليم العالي على إنجاز التأسيس الفعلي للأكاديمية في أسرع وقت ممكن، وتوفير الكوادر والإمكانات المادية والتجهيزات الكافية والحديثة لكي تكون الأكاديمية بيئة حقيقية لتطوير الحركة الفنية المحلية وخصوصا المسرحية والسينمائية والدرامية. كذلك من المهم أن يتوقع كل من يقف خلف هذا المشروع الحضاري أن يجد بعض الهجوم ممن لديهم رؤية مشوشة عن دور الفن في خدمة الثقافة وتعزيز الدور الحضاري لأي بلد في العالم. ولذا عليهم إيضاح الصورة الحقيقية للدور الذي ستلعبه الأكاديمية وعدم الاستماع لأي أصوات اعتادت تعطيل أي مشروع حضاري وفكري.