في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحا من يوم 16 جولاي 1945م تمت تجربة أول سلاح نووي في صحراء آلاموجوردو، وكانت قنبلة من نوع البلوتونيوم 239. فظن الناس أن الشمس بزغت مرتين؟

وفي الساعة 8 و16 دقيقة من صباح يوم 6 أوجست، تم إلقاء أول قنبلة نووية على رؤوس اليابانيين في مدينة هيروشيما؛ فكانت تنبيها للغافلين وموعظة للنائمين إلى أين وصل سلاح الملاعين؟

لم يكتف الأمريكيون بالتظاهر بالقوة؛ فيلقوا القنبلة في خليج طوكيو مثلا؟ ولم يكتف الأمريكيون بالإنذار؟ كما لم يكتف الأمريكيون بضحايا مدينة واحدة، بل نزل قرارهم الصاعق بمسح مدينتين من خريطة العالم وبتوقيع واحد من ترومان سييء الذكر، مثل أي طفل عابث يحرق عشا للنمل؟

وكان ليزلي جروفز الجنرال العسكري المشرف على المشروع متشددا في ضرب العاصمة الدينية لليابانيين كيوتو لولا تدخل وزير الخارجية الأمريكي بارنز فنجت من المحرقة، وكان فيها مليونان من السكان، وأكثر من ثلاثة آلاف معبد جميل، فكان بينهم والرماد كلمة على ورقة لو ألقيت قنبلة الشيطان في ديارهم.

كان السلاح النووي الأول متواضعا مع كل فظاعته؛ فكانت قوته في حدود 18 طن من مادة التفجير ت . ن . ت . أي 18 ألف كيلو من المتفجرات التقليدية انفجرت في واحد من مليون من الثانية! وبذلك وضع الإنسان يده على وقود النجوم فانكدرت.

وبعد أن اشتعلت النيران في مراتع اليابانيين في هيروشيما وناغازاكي التمعت السماء بدخان مبين فوق صحراء سيمي بالاتنسك في كازاخستان عام 1949م أخذ اسم جو الأول تيمنا باسم الطاغية جوزيف ستالين؛ فارتج الغرب ارتجاجا عظيما، لأن حساباتهم أن الروس لن يلحقوا بهم قبل ربع قرن من الزمان، وغفلوا عن الجواسيس الممتلئين في جلودهم بأشد من البراغيث في فروة الثعلب، من أمثال كلاوس فوكس الذين نقلوا التقنيات أولا بأول، ليس بعمل ارتزاقي فقط، بل بعمل استشهادي تطوعي، حتى لايكون هذا السلاح المخيف مونوبول محتكرا في يد واحدة.

بعدها بدأت رحلة الحرب الباردة على أشدها باقتراح من الهنجاري إدوارد تيللر بتطوير سلاح لايبقي ولا يذر عام 1952م ، تعتبر أمامه قنبلة هيروشيما لعبة أطفال، بتطوير سلاح الالتحام الهيدروجيني، ومعه تتحرر طاقة خرافية من الضغط والحرارة الجهنمية والإشعاع المتساقط فوق رؤوس الناس؛ فتقتل وتحرق وتدمر كل شيء وتصيب البعيد بأمراض السرطان ألوانا..

جاء بعدها كوهين واقترح قنبلة شعاعية نظيفة تقتل البشر وتحافظ على المدر، فتضع القوات يدها على المدن خالية من البشر، ليتبين لاحقا أنها ليست جدا نظيفة.

وتابعت رحلة التسلح جنونها بالتكبير إلى درجة أن الروس فجروا قنبلة هيدروجينية أقوى من قنبلة هيروشيما بـ 3000 مرة؟!

وبدأ البنتاجون في التخطيط لقنبلة من عيار 100 مائة ميجا طن أقوى من هيروشيما بـ 6000 مرة؟ في رحلة الجنون الأعظم؟

بعدها بدأت رحلة التصغير فأنتجوا قنابل ليس من عيار ميجا طن ولا كيلو طن بل أجزاء من الطن، مثل التفاحات تستعمل في المدفعية في ميادين القتال، وقيل إنها استخدمت في معركة المطار أثناء احتلال العراق.

والمهم فكل من رحلة التكبير والتصغير ليست كبرا في العقل بل استكبارا ومكر السيي، ولا يحيق المكر السييء إلا بأهله فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم..

وهو مادفع جبابرة القوة في العالم إلى المفاوضات، وبدء رحلة التخلص من الجنون ومخازن أسلحة الذرة.. في توبة نصوح قبل الموت النووي..