ما زالت المرأة السعودية تخطو بثبات نحو حصولها على حقوقها المشروعة، دون ضعف أو هوادة، والمجتمع الدولي يراقب خطواتها عن بعد، في وسط تقليدي يجد سواده الأعظم صعوبة حقيقية في استيعاب وضع المرأة وتواجدها بشكل سوي، فهو متوجس خائف من حضورها في كل مكان، باعتبارها سفيرا للفتنة والشر والمعصية بذاتها الأنثوية التي لا يد لها فيها، وليس بما تقوم به من أعمال. فيستجيب المجتمع لبعض مطالب المرأة ليس قناعة وإيمانا بحقها، وإنما لأنه يقف محرجا أمام الآخرين، الذين لا يرون سببا وجيها في منع هذا الحق أو ذاك عن أصحابه (النساء).

لكن ومع هذه الاستجابة الذهنية الذكورية السعودية، يبقى الحال كما هو. فبعد الفرحة التي عمت أوساط المطالبين بحقوق المرأة، بعد الموافقة على دخولها مجلس الشورى، يعلن المجلس أن أهم بنود الآليات المقترحة لاستقبال المرأة هو وضع الحواجز أو العوازل بينهن وبين الرجال، هذه الحواجز التي تعرفها المرأة جيدا، فهي تراها في كل مكان تدخله. حواجز في الأندية الأدبية، وحواجز في الأمسيات والفعاليات الثقافية، وحواجز في المطاعم والمقاهي، حتى تعددت أنواع هذه الحواجز واختلفت، كل حسب الغرض الذي أعد له، ولعلي أتساءل هنا ما نوع هذه الحواجز التي اعتمدها مجلس الشورى؟ هل هي أسمنتية خرسانية؟ كالتي وضعت في خيمة سوق عكاظ هذه السنة؟ أم هي خشبية متحركة كالتي توضع في المطاعم والأماكن العامة لتطويق أي طاولة تجلس عليها امرأة، وتزال إذا قامت؟

وحتى لو أزيلت هذه الحواجز، فسوف تبقى الحواجز الذهنية التي لا يمكن زحزحتها، فهي تقف عائقا أمام قبول المرأة فكرا ونهجا وسلوكا دون وصاية أو قوامة، فهي مهما علت مكانتها بحاجة إلى من يراقب سلوكياتها ويقومها، مما جعل منها هاجسا مقلقا للرجل، ونعود لنضيف أمرا آخر إلى سلسلة المطالب، ونطالب مرة أخرى برفع هذه الحواجز، وكل الحواجز أمام المرأة، ومخاطبة عقلها وفكرها، فالتقويم السلوكي يحتاجه من ينظر للمرأة على أنها جسد فقط. غاضا الطرف عن كل إنجازاتها التي أحرزتها رغم كل القيود. وأنا على ثقة تامة أن المرأة قادرة على إزالة هذه الحواجز مهما عظمت، فقد اكتسبت هذه المرأة قوة وخبرة ودراية في كيفية إدارة دفة الصراع في الحصول على مطالبها المشروعة؛ لتكون النتائج في صالحها.

أخيرا: دعوني أبارك للمرأة هذا الإنجاز، وهو السماح لها بالمشاركة في مسابقة (مزايين الإبل) بإبلها طبعا، ومن إنجاز إلى آخر بإذن الله.