هناك فارق جوهري، لا يستلزم الخلط، بين ما هو في علم إدارة التنمية؛ حق بدهي فطري طبيعي للمواطن وللمجتمع، وبين ما هو تنموي يعطي ذات الفرد والمجتمع إضافة أو طوبة فوق الحق البدهي. سأضرب المثال لتوضيح رؤيتي للفوارق ما بين البدهي وبين التنموي.
محطة تحلية المياه على ساحل جازان حق بدهي فطري طبيعي لأن أبسط حقوق المواطن أن يشرب. مصفاة جازان على بعد أمتار من محطة التحلية مشروع لفكرة تنموية لأنها من (كماليات) تطوير المكان والإنسان، مدينة ووظيفة واستثمارا إضافيا فوق حقه البدهي الفطري لكي يعيش ويشرب.
هنا مزيد من الأمثلة: مدارس أطفالنا المتناثرة في أركان الحي ليست فكرة تنموية، هي الحق البدهي الفطري الطبيعي كما هم كل أطفال الأرض يذهبون كل صباح للمدرسة. الفكرة التنموية في ذات المسار هي تسهيل التصريح والدعم لجامعة خاصة، بدفتر الشروط وقانون الكفاءة كي تفتح أبوابها على أطراف ذات المدينة.
مستوصف الحي ومشفى المدينة المركزي حق فطري بدهي طبيعي، ولكن التنموي في الطوبة الأعلى أن تبني مدينة طبية متكاملة تكون رديفا لمستقبل الأجيال ووظائف الآلاف، وإعلاء البنيان في المكان المهجور. تدشين الكلية التقنية حق فطري بدهي طبيعي مكتسب للمواطن والمجتمع، ولكن التنموي في (الدور الثاني) من البناء الاجتماعي هو توجيه صناديق الإقراض من المال العام أن تبني المصانع في المناطق الأقل تنمية لفتح مزيد من (التسكين) وتوطين المهن والوظائف.
توصيل الكهرباء للمنازل هو حق المواطن البدهي الفطري الطبيعي، ولكن التنموي في ذات المسار؛ أن تصل طاقة الكهرباء إلى مدينة من (ألف مصنع) عائم في الهواء الطلق كي نمكن ذات المواطن أن يجد على أطراف مدينته فرصة إضافية للحياة وللمستقبل.
بناء المطار على أطراف المدينة حق فطري بدهي طبيعي للمواطن، ولكن (التنموي) أن تفتح أمامه أبواب الخيارات بين الشركات المختلفة للمنافسة على مقعده الطائر إلى المدينة البعيدة.
وبكل الاختصار الواضح: وزارات التعليم والصحة والبلدية والماء والكهرباء لا تفعل شيئا إلا حق المواطن والمجتمع الطبيعي البدهي التلقائي المكتسب. وزارات الصناعة والتخطيط وهيئات الاستثمار والمدن الصناعية ومجالس الاقتصاد، وكل ما كان إضافة فوق حقوق المواطن الأصلية هو من يفعل ما يمكن تسميته وحده بالفعل التنموي.