لم يعد مهرجان التروبيكال الثقافي، الذي ينطلق الأحد المقبل، واحدا من المهرجانات العابرة في حياة الفرنسيين، بل صار موعدا متجددا ينتظره كثير كل عام.
بدأ هذا المهرجان في عام 2001، ومن خلاله يسافر المتابعون له والحضور في رحلة ثقافية مكثفة وصاخبة أيضا على مدى يوم، نحو ماض خاص بكثير من البلدان الآسيوية، وبعض المستعمرات الفرنسية.
ففي يوليو من كل عام، يزور باريس عدد هائل للمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية الحية، التي تقام بدعم من بلدية باريس وتنظيم فيدرالية المهرجان في فرنسا.
ويبلغ عدد المشاركين هذا العام 4 آلاف مشارك بزيادة قدرها ألف مشارك عن العام الماضي.
وينطلق مهرجان هذا العام تتصدره - كالعادة - ملكة جمال المهرجان والتي اختيرت في أبريل الماضي في باريس، من أحد أهم ميادين باريس (ناسيون) ليطوف شوارع العاصمة حيث يرتدي المشاركون الملابس التقليدية لكل منطقة والمصنوعة غالبا من الخشب والقش والريش، ويوزعون أشهر المأكولات التي تتميز بها كل مدينة من المدن المشاركة، وجميع المشاركين ينطلقون في رقصات جماعية فلكلورية على أنغام الموسيقى التي تنطلق من كثير من السيارات المصاحبة للمهرجان من لحظة انطلاقه حتى نهايته.
ويهدف مهرجان التروبيكال في الأساس إلى تسليط الذاكرة على ما عانت منه البلدان المختلفة في فترة الاستعمار، وإلى التأكيد على أن العادات والتقاليد والتراث الثقافي لهذه البلدان لم تغب أو تمحَ عبر القرون.
إلى جانب هذا، يسعى المهرجان، بحسب القائمين عليه، إلى الاقتراب من جيل الشباب، الذين هم في الغالب قد ابتعدوا كثيرا عن ثقافات هذه المناطق التي تنتمي جذورهم إليها بعدما هاجرت عائلتهم واستقرت في أماكن أخرى من بلدان العالم. لذا يعدونه مناسبة شديدة التميز للتركيز على التنمية الثقافية والتذكير بالأراضي التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب، وإلى إبراز مكانة ثقافتهم وتراثهم الذي بات يتمتع بحضور قوي مع استمرار المهرجان ونجاحه.
ويقول الرئيس الحالي لفيدرالية المهرجان تيدي لاكروا: بينما كان شعار مهرجان العام الماضي هو "رحلة ما وراء البحار" فإن مهرجان 2012 يحمل شعارا جديدا من نوعه وهو "القارة السادسة". وهو ما يؤشر بقوة إلى أن لما تحمله هذه المناطق من ثقافات وتراث وحضارات تجعل منها ما يشبه القارة.
وسوف يشارك في المهرجان الـ11 للتروبيكال، كل من كولومبيا ومايوت، وجواديلوب، ومارتينيك، وريونيون، وكذلك مجموعات كبيرة من الصين وفيتنام.
وواقع الأمر أن هذا المهرجان الثقافي على وجه التحديد قد أصبحت له مكانة اقتصادية كبيرة في فرنسا، حيث تبدأ الاستعدادات للمهرجان المقبل فور الانتهاء من الحالي، من أجل صناعة الأزياء والحلي والقبعات وبعض الأدوات التذكارية، وبالتالي يستقطب عددا من العمالة لا يستهان به، هذا إلى جانب الإقبال السياحي على المهرجان الذي بات محط أنظار كثير ونقطة جذب سياحية تدر كثيرا على باريس قبل وأثناء وبعد المهرجان.