سجّلت الأزمة السورية أمس حدثين لافتين: الأول بدء الانشقاقات الدبلوماسية، والثاني إجراء موسكو محادثات مع المعارضة السورية حول آلية تسليم السلطة بسورية وانتقالها.

ووفق مصدر في المعارضة السورية، فإن المجازر المتلاحقة للنظام دفعت بسفيره لدى العراق نواف الفارس، وهو أول دبلوماسي رفيع، إلى الانشقاق، في حين كشفت مستشارة رئيس الوزراء العراقي مريم الريس أمس عن اختفاء الفارس، مشيرة إلى مغادرته لجهة مجهولة.

وسبق هذا التطور محادثات أجراها وفد المجلس الوطني السوري برئاسة عبد اللطيف سيدا مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في موسكو التي "تفاوض المعارضة سرا لتحديد آليات تسليم السلطة في سورية وانتقالها"، بحسب ما كشف مصدر رفيع في المجلس الوطني لـ"الوطن". وعزز هذا الاتجاه ما أعلنه سيدا خلال مؤتمر صحفي بأن موسكو لا تتمسك بالأسد ومؤسساته القمعية.




كشف مصدر رفيع في المجلس الوطني السوري أن موسكـو تفاوض سرا المعارضة السورية لتحديد آليات تسليم السلطة في سورية وانتقالها، خلافا لما أعلنه رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا الذي التقى أمس في موسكو وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف، أن موقف روسيا لم يتغير بخصوص الأزمة السورية.

في هذا الوقت أعلنت مصادر المعارضة أن السفير السوري لدى العراق نواف الفارس انشق احتجاجا على حملة القمع التي ينفذها النظام. وإذا تأكد النبأ فسيكون الفارس أول دبلوماسي سوري رفيع ينشق.

واعتبر المصدر لـ"الوطن" أن هذا التحول فرضته التطورات العملياتية للجيش الحر وصمود الشعب السوري واستمرار مظاهراته الرافضة لاستمرار النظام السابق الذي سفك دماء الشعب بآلته الحربية الإجرامية. وبين المصدر أن اجتماعات لأعضاء في المجلس الوطني وقيـادات من المعارضة تناولت كيفية تسليم السلطة، وقال "لقد كان حديث مفاوضينا في موسكو أكثر عقلانية وموضوعية وآلياتهم (الروس) كانت جديرة بالبحث، خاصة أن خطابهم السياسي المعاند قد أصبح قريبا من الواقع وتطور لفهم قرار شعبنا في أن سورية الأسد قد انتهت وإلى الأبد".

من جانبه أعلن سيدا أمام الصحفيين في موسكو "أؤكد باسم كل المعارضة الشعبية في سورية أن الحوار غير ممكن ما لم يرحل الأسد. لكن روسيا لها رأي آخر".

ومع أن سيدا أعلن أن موسكو لا تتمسك بالأسد ومؤسساته القمعية، إلا أنه قال إن الدعم الروسي لنظام بشار الأسد هو الذي يتيح استمرار أعمال العنف في سورية. وأضاف "نرفض السياسة الروسية - أيا كانت مسمياتها - لأن هذه السياسة الداعمة للنظام تتيح استمرار العنف".

وقال برهان غليون عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، رئيس المجلس سابقا "لم نلاحظ تغيرات في الموقف الروسي. كنت هنا قبل سنة والموقف (الروسي) لم يتغير". وقال منذر ماخوس أحد أعضاء المجلس الوطني "لقد تباحثنا في الموقف الروسي ونحن نتفهم موقف (المسؤولين الروس) بشكل أفضل. لكن موسكو لم تغير موقفها، وهي تعتقد أن الأسد لا يزال يحظى بدعم غالبية الشعب السوري".

وبعد وقت قصير على انتهاء المحادثات، أعلنت موسكو أنها ستواصل تسليم الحكومة السورية أنظمة مضادات جوية.

ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس عن مساعد مدير الجهاز الفدرالي للتعاون العسكري فياتشيسلاف دزيركالن قوله "سنواصل تطبيق عقد تسليم أنظمة مضادات جوية"، مشيرا إلى أنها معدات "ذات طابع دفاعي محض".

على صعيد آخر، تناول المصدر في المعارضة السورية في حديثه لـ"الوطن" جولة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان التي اشتملت على مقابلة مسؤولين في دمشق وطهران وبغداد، وقال إن عنان أعلن قبل الجولة فشله وإفلاسه وموت مبادرته، وأردف "هو شخص فاشل بامتياز في تاريخ الأمم المتحدة، وفي هذا الملف كان فشله بسبب استمرار نظام الأسد في القتل وليس بسبب السلاح الذي أصبح في أيدينا وأصبحنا ندافع به عن مدننا ومنازلنا وأطفالنا". وأشار إلى الانتصارات الأخيرة لقوى المقاومة المسلحة المنضوية تحت لواء الجيش الحر والتي حققت نتائج ملموسة بعد تحولها من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم والتي تستهدف حاليا العاصمة دمشق في جزء هام من عملياتها النوعية التي أصبحت تهدد النظام وتمثل خطرا على تحركات قياداته، معتبرا أن المعركة الكبرى التي يتم الإعداد لها وصلت لمراحل متقدمة.

ونفى المصدر وجود خلافات جوهرية خطيرة بين أقطاب المعارضة من جانب، والجيش الحر من جانب آخر، وقال " نختلف حول التوجهات في المعارضة في إبراز قضية شعبنا الذي يقتل، إنها دماء وتهجير لا وقت للسياسة ولا أطماع لأي كان، لأن مشروعنا جميعا التخلص من السفاح وإعطاء الشعب حرية الاختيار، ساعتها تنتهي كل هذه المسميات، وانظر إلى انتخابات مصر وتونس وليبيا.. كل من كان لهم "يد" في الدور الانتقالي والثورة لم يكن لهم علاقة بالانتخابات والنتائج التي يحددها الشعب وحده".

من جهة أخرى قالت الصين إنها تؤيد عنان الذي من المقرر أن يبلغ مجلس الأمن بنتائج زياراته الأخيرة، وأيدت دعوته لإشراك إيران في محادثات تجرى تحت رعاية دولية لحل الأزمة السورية.